فأنى للآفكين القولة الفارغة الهراء ان القرآن إفك عن التوراة ، صرف عن وجهه معنى وتعبيرا ، فهو نسخة عربية عن التوراة فهو إمام القرآن (١) : (وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً)؟ (وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا ..)!.
إن هيمنة القرآن على ما قبله من كتاب ، تدل على إمامته الشاملة على كل نبي وكل كتاب ، فلا تعني إمامة التوراة في آيتيها إلّا لأتباع شريعة التوراة ، إذ تحملهم على تصديق الكتاب المهيمن الإمام ، وتحمّلهم مسئولية حمل هذه الأمانة الكبرى المسرودة في آيات البشارات : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ..) (٥ : ٤٨) هيمنة على سائر كتب الله ، كما الله مهيمن على سائر الخلق : (الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ ..) (٥٩ : ٢٣).
(.. لِساناً عَرَبِيًّا) هذا كتاب مصدق حال كونه لسانا عربيا : واضحا بينا بيانا لا غموض فيه رغم ما فيه من رموز «لسانا» لا «لغة» ف «عربيا» يعني واضحا لا تعقيد فيه ، وإذ كان بلغة عربية ، فهو عربي بعربية.
(لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) عربا أم سواهم (وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ) كذلك ، فالتبشير والإنذار اللذان يحملهما القرآن عربيّان لكل عربي وسواه ، لا يكلفه إلا ترجمة أو تفسيرا : لغويا أم سواه.
__________________
(١) كما يتقوله الأستاذ حداد في هرطقات له سماها القرآن والكتاب ومما تقوّله :
«هنا لك تصاريح من القرآن ان بينه وبين العهدين اتصال ونسب حيث : ١ ـ التوراة إمامه. ٢ ـ وهو في زبر الأولين. ٣ ـ وهو تفصيل وتعريب للكتاب المقدس. ٤ ـ وهو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وهم علماء اهل الكتاب. ٥ ـ ويجب ان يقتدي محمد في قرآنه بالكتاب واهله. ٦ ـ وإذا شك فيه فليسأل اهل الكتاب ليعلموه.
ولو كان الحداد يفهم اللغة العربية ما سمح لنفسه ان يفتري هذه الهراءات على القرآن ـ راجع كتابنا (المقارنات ص ١٣٤).