(إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ. أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ).
.. قالوا ربنا الله ـ لا سواه ـ ثم تحولت مقالتهم هذه إلى واقع الاستقامة عليها ، وإنه لجمع جميل بين توحيد الربوبية وهو خلاصة العلم ، والاستقامة فيه وفي مخلفاته العقائدية والعملية وهو منتهى العمل : وإنها استقامة في إقامة الوجه للدين حنيفا : وهو دين الفطرة القيم : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٣٠ : ٣٠) ودين الطاعة لله المسنونة في شرعة الله. ومن ثم الاستقامة في كل ما تتطلبه (رَبُّنَا اللهُ) في كافة مجالات الحياة.
هؤلاء (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) عما تورطوا في مخاوف لوجه الله إذ لا يخافون إلا الله ، ولا هم يحزنون على ما فاتهم من شيء فان أجرهم على الله ، يحتسبون عناءهم عند الله ، وهكذا يبشرهم ملائكة الله : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ. نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ) (٤١ : ٣٢) وما ألذّها بشارة من الله فبشارة من ملائكة الله!.
فالخوف عما هم فيه وما يستقبلهم ، والحزن على ما فاتهم فيما مضى : هما عنهم منفيان ، في الحياة الدنيا وفي الآخرة وهي أحرى ، إذ تكشف فيها الغطاء.
هؤلاء نفوسهم مطمئنة إلى الله وليست إلى الحياة الدنيا المتزعزعة المزعزعة باهلها الراكنين إليها ، فلا تضطرب بهم في الهوّاة ، اضطراب الأرشية في الطوى البعيدة كأهل الدنيا ، المضطربين فيها ، المتأرجحين بها.
إن أهل الله لا يحسبون في حياتهم حسابا لأحد سوى الله ، فهو هو الميزان