هذا! اللهم إلا غير المؤمنين الخطرين على الحياة الإيمانية ، فيجسس عنهم حيادا على المؤمنين وسياجا عما يمس من كرامتهم ، أو من يشذ عن سبيل المؤمنين ، فيولى ما تولى ويصلى جهنم وساءت مصيرا :
من جاسوس لصالح الفجار ، أو مضلل للمسلمين ، أو أي مفسد في الأرض ، فيؤخذ على يديه ، أو يجسس عنه تأكدا من نواياه ليوقف على حده ، أو يخفف ـ ولا اقل ـ عن حدته.
وان استنطاق الغافلين للكشف عن خباياهم تجسس ، واستغابتهم ممن يغتابهم تجسس ، دون تخصص بتسلق البيوت ، وانما التكشف عن الأسرار ، المختفى بها أصحابها ـ أيّا كان ـ تجسس محظور (١) ، اللهم إلا فيما يحمل هامة لصالح المسلمين فرادى أو جماعات ، ماديا أو معنويا.
فالكتلة المؤمنة تعيش آمنة امينة على أسرارها وعوراتها وبيوتها وكل خباياها وخفاياها ، إلا من تخلف في سرّ له عن رتبة الإيمان ، فخيف منه خطر على كتلة الإيمان ، فلا سر له إذا يحترم ، إلا ما لا يناحر صالح الإيمان!.
ثم ـ وإذا تبين لك عن مؤمن مزرئة ، أو ما لا يحب إفشاءه ، فلا لك ان تغتابه :
(وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) : أنتم المؤمنين ، مهما اختلفت درجات الإيمان ومذاهبه ، ما صدقت كلمة الإيمان وان في ادنى أدانيها ، فأنتم كجسد واحد متبعض : (بَعْضُكُمْ بَعْضاً) تحكم فيكم روح الإيمان الواحد ، فليحضر كل بعض مع الباقين ، دون غياب ولا اغتياب ، فلا تحكم المباغضة ـ فقط ـ بحرمة الاغتياب بل وبوجوب الانتداب أيضا لبعض في صالحه ، ومنه كف الغيبة عن بعض ، ولزوم الاكتئاب لبعض إذا اغتيب أو أصيب.
__________________
(١) عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله (ص) في حديث : ومن استمع الى حديث قوم وهم له كارهون يصب في أذنيه الأنك (الرصاص) يوم القيامة.