«فتكرهونه» كفعل مستقبل ، وانما «فكرهتموه» ، كماض ، ايحاء بثبات هذه الكراهية : ان يأكل الإنسان لحم أخيه ميتا ، ثباتا في الفطرة لكل أحد : «فكرهتموه» : عافته أنفسكم وان كنتم جائعين غرثى.
وترى هل تحرم غيبة المؤمنين الموافقين لك في المذهب فقط ، أم وكل مؤمن من أي مذهب؟ الحق هو الشمول ، فإن الأخوة الإيمانية تشمل كافة المؤمنين ، دون المنافقين ، وإنما المؤمنين بالله ورسوله واليوم الآخر أيا كانت مذاهبهم ، إذ تجمعهم كلمة الإيمان ، مهما تفرقهم مذاهب الإيمان ، فعليهم جميعا أن يعتصموا بحبل الله ولا يتفرقوا ، والغيبة من أشد أسباب التفرقة!.
ان حرمة الغيبة تحور على محور الأخوة الإسلامية الثابتة على غرار الآية : (فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ ..) (٩ : ١١) هذا! فضلا عمن يأتي بأكثر من ذلك من شرائط الأيمان ، ولا تعني التوبة هنا إلا عن الشرك بالله ، ولا إقام الصلاة وإيتاء الزكاة الا الدخول في شريعة الله ، إيمانا بالله وبرسول الله واليوم الآخر ام ماذا ، على مختلف درجاتها ، فإن الايمان درجات كما الكفر دركات ، فلا لك كمؤمن ان تواجه أخاك في الايمان بلقب الشرك او الكفر ، بعد ما حرم الله التنابز بالألقاب ، فلا تجوز اغتياب مسلم غير منافق ، موافقا لك في المذهب ام غير موافق ، اللهم الا المتجاهرين بالفسوق ، المستهزين في هتك حرمات الله ، فليس لهم ـ إذا ـ ستر حتى يهتك بالاغتياب ، والا من الاغتياب دواءه لكي يرتدع ، ام دواء لداء عضال بين المجتمع الذي يعيشه ، ام اية مصلحة راجحة توجب او تسمح بالاغتياب ، مراعيا هنا وهناك ألا تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ، فان السماح في اغتياب شخص لمصلحة ، ليس لزامه السماح بابطال هوية جماعية اسلامية ، إذ يخلف جرأة المتقين ان يشذوا عن شريطة التقوى أحيانا ، إذ اوجدوا لهم رفاقا ، فالأصل الذي لا ينفصم هو الحفاظ على روح التقوى ، والسياج على من يهوى الطغوى ، لتكون كلمة الله هي العليا