فلما ذا الادعاء «آمنا» وأنت بين كاذب لمّا يدخل الإيمان في قلبك ، وصادق يعلم الله ما في قلبك (أَتُعَلِّمُونَ اللهَ بِدِينِكُمْ)؟ وإذ لا! فلما ذا الادعاء؟ (وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ).
(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ(١) لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ).
غلطات بعضها فوق بعض من هؤلاء الأعراب ولمّا يؤمنوا ، إذ يمنون عليك أن أسلموا ، وليس لك من الأمر شيء! ولا يجدي إسلامهم نفعا إلا لهم أن يحقن دماءهم ويحفظ أعراضهم وأموالهم ، ويشركهم وسائر المؤمنين فيما لهم وعليهم ، ثم وإسلامهم لا إيمانهم ، وإن كان لا منّ ولا في إيمانهم ولمّا ، فلا هذا ولا ذاك (بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ) بالإسلام «للإيمان» حيث ان هكذا إسلام ذريعة وصراط للإيمان ، وبعد فلا منّ إلا لله عليهم أن هداهم لما يصلحهم ، ودعاهم لما يحييهم ، فهم عكسوا أمر المن ، ولا منّ حتى في الإيمان ، ثم لا عليك وإنما من الله عليهم ، ثم الله إنما يمن عليكم ويهديكم بإسلامكم (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) في إسلامكم ، فمن صدق في إسلامه فهو متنعّم من الله بهداه ، لا ان يمن على رسول الله أم على الله ، ومن لم يصدق فلا هدى للايمان فلا منّ هنا أو هناك ، حيث الإسلام الكاذب نفاق ، ويا له من وخزة دنيا وعقبى دون منّ «من» أو «على».
إن منّ الإيمان لمن صدق هو أكبر المنن على الإطلاق لو عرف الإنسان قيمة الايمان وقمته ، نفخة عليّنية تصل بهذه الذرة الطينية الهزيلة البائسة الى نور العظمة الربانية ، الذي يشعره بالوضاءة المنطلقة والضياء المطلق ، فروحه في السماء وقدماه تدبان على الأرض ، وقلبه يستحمّ بالنور ، متعلقا بمصدر النور ، نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء.
إذا فمن يستحق المنّ؟ وعلى من؟ إنما المن من الله ، على من هداه الله ،