(... كَذلِكَ الْخُرُوجُ)! فإنه بحاجة إلى علم : (ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ) وإلى القدرة على الإخراج كما بدأ.
وترى التنديد هنا أهو بترك النظر الى السماء شهودا ل (كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها) لماذا لم يشهدوا كيفية خلق السماء وبناءها وتزيينها؟ و (ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ ..) (١٨ : ٥١) إذ خلقوا بعدهما فكيف يشهدون خلقهما! أم يشهدون شهود العلم بعدهما ، وخلقهما من فعل الله ، فلا يعلمه إلا الله ، أو من ارتضاه من رسول! أم إن النظر هو الماكن لأي ذي بصر أن ينظر إلى السماء فوقه ، من بعيد ، أو من قريب بالصواريخ والسفن الجوية أم ماذا؟ ولكي يعرفوا ـ قدر النظر ـ كيفية بناء السماء وتزيينها وما لها من فروج ، دالة لأي مستدل على حكمة الخلاق العليم؟ وهو الحق الذي تندد فيه آية النظر بالأعمين الذين يبصرون ولا ينظرون ، أو ينظرون ولا يعتبرون : (تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ)!.
إن في السماء المبنية المزينة فوقهم (وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) سماء من اللفتات ، الى صفحتها التكوينية الواسعة البارعة ، في مثلث من بديع الخلق : (كَيْفَ بَنَيْناها ـ وَزَيَّنَّاها ـ (١) وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ)!
فأما بناءها فهو السبع الشداد (وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً) (٧٨ : ١٢)(١) و «فوقهم» هنا ، ك «فوقكم» هناك ، إشارة كتصريحه الى كروية الأرض ، فإنها لزام كون السماء فوق سكنة الأرض كلهم ، ثم ولبناء السماء «فوقهم» زوايا شاسعة من حكمة التكوين تستحق مؤلفا ضخما فذا علّه يأتي بأطراف منها قليلة ، من خلق دخانها وجعلها طباقا ، وتزيينها بمصابيح أم ماذا؟ تلفت انظارنا هنا الى الزاوية الأخيرة : «وزيناها» وبقاءها على حالتها الرائعة رغم بليارات القنابل الفضّية التي لزامها فروج : (وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ)!
__________________
(١) راجع تفسير الآية في ج ٣٠ ص ٢٥.