فهناك تزيين لمتن السماء بلونها الجلاب ومنظرها الغلّاب الخلّاب ، ومن ثم بمواليدها المصابيح ، القناديل الفضية المعلقة فيها دون عمد ترونها : (رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) (١٣ : ٢) فثم عمد ولكن لا ترونها! ومن البروج : القصور ، أم ماذا : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ) (٨٥ : ١)(١).
ثم (وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) وآية الفروج هذه كآية البروج ، هي الوحيدة في القرآن التي تلفت انظارنا الى عدم الشقوق التي هي لزام المصابيح والبروج ، فكل صفحة منها موتدة بأوتاد المصابيح ، مرتفعة بالبروج ، فما ترى لها من فروج ، اللهم إلا صفحة السماء ، ولأن مصابيحها وبروجها معلقة في أعماقها ، مدعمة بعمد لا ترونها ، ثم المتن الخالي عن مصابيح وبروج ، كذلك : ما له من فروج.
وهذا استعراض للسماء في دنياها ان (ما لَها مِنْ فُرُوجٍ) ولكنها في أخراها كلها شقوق وفروج : (وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ) (٧٧ : ٩) فالسماء غير ذات الفروج تصبح وقتئذ من ذوات الفروج ، ولحد كأنها كلها أبواب وفروج :
(وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً) (٧٨ : ١٩)(٢). وإن كانت فروجها يوم تدميرها بحكمة ، كما هي يوم تعميرها بحكمة ، سبحان الخلاق العظيم!
(وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) وإن لم ينظروا إلى السماء فوقهم فلا يعتبرون ، فإلى الأرض التي عليها يعيشون ، والنظر إليها لزام حياتهم ، مدا لها ، وإلقاء للرواسي فيها ، وإنبات كل زوج بهيج : مثلث اللفتات الأرضية متوازية للسمائية حذوها :
فللأرض مدّان ، مد التعمير كما هنا ، ومد التدمير كما في الأخرى : (وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ. وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ) (٨٤ : ٣) فبمد التدمير تتبدد ، كما هي بمد التعمير تتمدد فتنبت فيها كل زوج بهيج وموزون ، من كل الثمرات : (وَالْأَرْضَ
__________________
(١) راجع آية البروج ج ٣٠ ص ٢٥٦.
(٢) راجع سورة الانشقاق ج ٣٠ ص ٢٣٦ والانفطار ٣٠ : ١٨٤ والتكوير ٣٠ : ١٥٤