مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ. وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ) (١٥ : ٢٠) (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ وَأَنْهاراً وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجاوِراتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ..) (١٣ : ٥).
إن مد الأرض فإلقاء الرواسي وإنبات النبات ، توحي أنها كانت منقبضة غير ممدودة ، بلا رواسي ولا نبات فلا حياة ، شموسا لا تذل لراكب ، مضطربة الحراك ، حيث الرواسي الشامخات تمسكها عن الميدان (وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ ..) (١٦ : ١٥) فهنا رواسي ملقاة ، وهناك أخرى مجعولات : (وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ) (٢١ : ٣١)(١) وهما الجبال الموتدة على الأرض من الأعماق ، الشاهقة إلى السماء ، وعلّ الجعل والنصب أعم من الإلقاء (٢) حيث يشمل ما خلقت من الأمواج التي برزت على سطح الأرض نتيجة الحركات والاصطدامات بالجو البارد ، وقانون الفرار عن المركز ، ثم الإلقاء يخص التي انبثقت من تفجرات البراكين ، والتي سقطت من نجوم في السماء ، ولعل الإلقاء هنا يخص ما هو نتيجة المد الضغط فتفجرت براكين ، فأصبحت من عليها راسيات ملقاة من جوفها ، أو ما يعم الملقاة من الأمواج سطح الأرضية ، إذ كانت شموسة محترقة ، أو يعمها والتي سقطت من نجوم السماء ، أم ماذا؟
ثم لإلقاء الرواسي ـ أيا كانت ـ دورها الهام في إنبات كل زوج بهيج
__________________
(١) راجع ج ٣٠ ص ٩٠ و ٣٠٠.
(٢) حيث التعبير في مختلف الآيات يختلف بالجعل والنصب والإلقاء.