المسجلة لكل كلمة أو حركة أو نبرة ، فانها هزيلة داثرة ، وان كانت هي تقرب لنا تصورا اكثر وتصديقا أوفر بانعكاس الأعمال ، فتمثّلها يوم تقوم الإشهاد ، فلنكن في يقظة دائبة ، وحذرة دائمة عما يسجل علينا الحفظة بأمر الله ، في سجلات أعضاءنا والأرض بجوها ومادتها أم ماذا؟ واقعة رهيبة تحذّرنا فتحضرنا ليوم الطامة الواقعة!.
وانهما «الملتقيان. عن اليمين» قعيد (وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) : كل مرتكن في ركنه ، قاعد في مقعده من الإنسان ، قعد او مشى او قام ، فعلّ القعود هنا ايحاء إلى أنهما لا يقومان عن الإنسان ، فهما لزامه أيّا وأينما كان ، وكما ان لكلّ طائرا في عنقه لزام : (وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً. اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (١٧ : ١٤) كما وان أرضه وجوّها يلزمانه فلا يفلتان ، وهما من مسجلي أعماله وأقواله : (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها) (٩٩ : ٥) فيا لها من شهود رقباء ، هم شهوده هنا وهناك بأمر الله لا يقصرون ، فأنى تؤفكون وتصرفون؟!.
وترى اليمين والشمال هما الجهتان ، فلا حفيظ من بين يديه ومن خلفه ، أو من فوقه وتحته؟ و (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) (١٣ : ١١)! ثم ومجرد حضور الشهود كاف في تلقي الأعمال دون حاجة إلى جهات! إذا فما هما من الجهات وكما هنا ، وانما جانب الخير لقعيد اليمين وجانب الشر لقعيد الشمال ، كما العقبات تعقبه فيما تعقب من بين يديه : الجانب المستقبل دنيا من الحال ـ وعقبى ، ومن خلقه : دنيا الماضي إلى الحال ، من خير لقعيد اليمين ، ومن شر لقعيد الشمال ، فهما لديه دون اختصاص بجانب أو حال :
(ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) :
«ما يلفظ» اللّافظ «من قول» حسن أو سيء (إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ) : يراقب حافظا وهو «عتيد» : معد للزوم الأمر ، فالرقابة هنا هي شهادة تلقي الأعمال ،