والعتاد شهادة إلقاءها يوم يقوم الأشهاد.
فليس الرقيب العتيد ـ فقط ـ الملكان ، أو أن قعيدا منهما رقيب والآخر عتيد ، حيث النص (رَقِيبٌ عَتِيدٌ) لا «رقيب وعتيد» إذا فكل منهما رقيب عتيد : كما هو يتلقى الأعمال في الأولى ، كذلك يلقيها في الأخرى ، كما الله رقيب عتيد كأوّل وآخر وأفضل رقيب عتيد : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (٤ : ١) (وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ) (١١ : ٩٣) كما وأنبياء الله رقباء شهداء : (.. وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (٦ : ١١٧) كذلك والأرض بأجواءها ، والإنسان بأعضائه ، كل رقب عتيد ، رقباء ، عتداء أربع ، هي (مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) : صادرين في حفاظهم من أمر الله ، وهو رقيب الرقباء وعتيد العتداء.
إذا ف (رَقِيبٌ عَتِيدٌ) يشمل كل شهيد على الأعمال من الله وخلقه ، رقابة : شهادة التلقي ، وعتادة : شهادة الإلقاء ، للأعمال والأقوال أم ماذا؟ إيحاء إلى كمال العدل في الشهادة : أن المتلقي هو الملقي بعلم وعدل ، فالشاهد الذي يلقي الشهادة دون تلق ، أو يتلقاها دون إلقاء ، ليست شهادته شهادة ، وهي مردودة دون هوادة! فمن يفسر «رقيب» بأحد المتلقيين و «عتيد» بالآخر ، فقد أتى بتفسير عجيب ، خارج عن أدب اللفظ ، حيث لا عطف : يثني ك «او» ، وعن أدب المعنى ، فكهذا تلق لا يغني ، ثم ولا معنى أن يتلقى قعيد الخير ثم يلقيه قعيد الشر ، أو يتلقى قعيد الشر ثم يلقيه قعيد الخير : مثلث الانحراف عن التفسير الحق! ثم و : «ما يلفظ» هنا كنموذج ساذج عن الأفعال ، لا أنه ـ فقط ـ المراقب عليه المعاتد ، فإذ لا تضل لفظة قول ، فكيف تضل أية فعل ، فلا لفظة ولا لحظة ولا فعلة بل ولا نية تضل عن رقيب عتيد.
وهكذا يعيش المكلف في رقابة شديدة عتيدة حتى ينقضي عالم التكليف :