إمدادهم بمال أم ماذا؟ «معتد» : على الله ، إذ جعل معه إلها آخر ، وعلى خلق الله ، إذ هو بعد منعهم الخير يوجه لهم كل شر «مريب» بأقواله وأعماله ، يجعل الغافلين حيارى فضلّالا ، يسلك بهم غيا وضلالا.
(الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ) : فأم البلاء والضلالة لكل كفار عنيد هو الشرك بالله ، الذي يخلف ثالوث : (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ. مُعْتَدٍ. مُرِيبٍ).
(قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ ، قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ) وهنا الكفار العنيد يتهم قرينا له أطغاه : حمله على الطغوى ، ومنعه عن التقوى ، وطبعا ليس هو قرينه الأول القعيد عن يساره الشهيد ، فإنه شهيد عدل كريم ومن عمال رب العالمين ، يؤمر بإلقاء الشهادة ، ثم وبمن معه من سائق ، بإلقاء المشهود عليه في النار ، إذا فقرينه الثاني شيطان يقابل قرينه الأول : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ. حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) (٤٣ : ٣٩) : من شياطين الجن والإنس : (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ. يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ. أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ. قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ. فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) (٣٧ : ٥٥) فهذا القرين يقرنه بعد يوم الدنيا في يوم الدين : إنه يدافع عن نفسه ويدفع تهمة الإطغاء : (رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ) ولقد صدق الكاذب هنا بعض الصدق ، أن عملية الإطغاء ليست منه فقط ، فلو لم يجد المضلل ظرفا صالحا للتضليل لم يحصل ضلال ، فالضلال البعيد عن الهدى ظرف صالح للمزيد ، وليس لأصل الضلال! : (وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ