الرجوع الى الله ، دائب التوبة عن معاصي الله ، يدأب في الحفاظ على حرمات الله فهو يخشى الله في غيبه ، ويأتيه بقلب أواب منيب :
(مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) : فمن مواصفات الحفيظ خشية الرحمن بالغيب : بغيب الرحمان وهو دائب الغيب ـ فالمتقون يؤمنون بالغيب ـ وبغيب عباد الرحمان ، فليست خشيتهم منهم حتى يخشوه ـ فقط ـ بمحضرهم ، وانما يخشونه في غيبهم ، ففي حضورهم اولى وأحرى!.
كما (وَجاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) من مواصفات الأواب ، فلا يتقلب بقلبه إلا في مفازات الانابة إلى الله ، فحياته ـ إذا ـ خشية الرحمن بالغيب بقلب منيب ، حتى «جاء» إلى دار كرامة الله ، للقاء الله (بِقَلْبٍ مُنِيبٍ) إلى الله ، عاقبة حسنى بعد حسنى الاولى!.
ثم ويستقبل هكذا جائين بذلك المجيء قولة كريمة رحيمة من الرحمن الرحيم :
(ادْخُلُوها بِسَلامٍ ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ) : ادخلوا الجنة «ب» سبب «سلام» قدمتموه لأنفسكم «ب» مصاحبة «سلام» مدخر موعود لكم ـ «ب» : في «سلام» خالد ليس له انفصام في دار السلام والله هو السلام ، ف «ذلك» البعيد المدى ، العظيم المدى هو (يَوْمُ الْخُلُودِ)!
(لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ) وترى ما هو «مزيد» بعد المشيئة غير المحددة التي ـ طبعا ـ ليست لها نهاية؟ بل انه فوق اللانهاية ، فكل لا محدود عند خلق الله ، محدود في حساب الله ، وان لدى الله للمتقين ما يناسب كرامة الله ، وهو «مزيد» عن (ما يَشاؤُنَ) فالله عنده كرامة «مزيد» يؤتيهم رغبة وادراك «مزيد» عما هم يشاءون.
وترى ان «مزيد» يختص بأصناف ما يشاءون ، فليست العطية على حد المشية؟ وهو تحديد بلا دليل ، واطلاق المزيد يحلله عن هذا التحديد!