معلوم كالضرائب المستقيمة المعلومة بما فرض الله : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ. لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) (٧٠ : ٢٥) وغير معلوم كالضرائب غير المستقيمة من الإنفاقات الهامشية في مجالها المقررة في محالها (١) للسائل وان لم يكن محروما ، وللمحروم وإن لم يكن سائلا ، فلكلّ حق سؤالا او حرمانا ، فهم متطوعون بفرض هذا الحق ، غير المحدود في أموالهم ، طالما لا حد للسؤال والحرمان اللهم إلا حسب المستطاع ، فهم يعتبرون أنفسهم في أموالهم كأنفس الباقين.
(وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ. وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ. وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) : لفتة الى آيات كونية : آفاقية كالسماء والأرض ، وأنفسية تتوسطهما ، ففي الأرض آيات تدل على وحدانية الله وأنه يحي الموتى : «ومن آياته أنك (تَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ. ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٢ : ٥) (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ ..) (٣٦ : ٣٣).
وهذه الآيات الأرضية حية لمن يسلكون مسالك اليقين ، وميتة للميتين ، لذلك ينتقل الى آيات الأنفس قبل آيات السماء ، ولان الأنفس الحية الموقنة هي التي تستفيد من هذه وتلك ، ف «من أبصر بها بصرته ومن أبصر إليها أعمته» ـ (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ)
ثم وفي تتابع الآيات الثلاث ايحاء ان هناك علاقة بين الأرض وأنفسنا ورزقنا السماوي الصادرة منها لنا في الآخرة والأولى ، وفي تخصيص آيات الأرض بالذكر بين سائر الآيات في الكائنات ايحاء بأهميتها من جهة ، وأنها أقرب الآيات وألمسها لسكنة الأرض لظهورها لمن على ظهورها ، فالسالكون سبيل الإيقان بتوحيد الله
__________________
(١) راجع ص ١٣٢ ج ٢٨ ـ الفرقان في ضوء الآية «وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ. لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ».