إن آية النفس الإنسانية ـ روحا وجسما ، قلبا وقالبا ـ هي الآية الكبرى إذ لا اكبر منها مهما كانت لها زملاء (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً)! إذ تتجاوب الآيتان ان للإنسان زملاء في (أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ).
إذا فمعرفة النفس هي من أعظم أبواب المعرفة الإلهية لحد «من عرف نفسه فقد عرف ربه» فمن لم يعرف نفسه لم يعرف ربه : ـ «وفي أنفسكم أفلا تبصرون». فهنا في النفس الانسانية آيات للموقنين كما في الأرض آيات ، واين آيات من آيات؟!.
آيات متواجدة فيها منذ خليتها الأولى ، الى الأجنة ، الى الولادة ، والى ميادين الحياة وحتى الموت ، ما تتطلب مؤلفات عدة ضخمة معمقة ، لكي تشمل طرفا من أطرافها العديدة المديدة.
ان الخلية الأولى الانسانية تحمل كل رصيد الجنس الانساني من خصائص ، وكذلك ما ورثته من الجدود ، ترى كيف تكمن هذه وتلك ؛ وكيف تهتدي الى طريقها الطويل ، فتمثلها أدق تمثيل ، وتنتهي الى اعادة هذا الكائن الانساني العجيب!.
ثم ترى اعجوبات تحير العقول ، وتغرق العلماء في بحور من الاحتيار ، تراها في التحورات التي تتبدل فيها هذه الخلية حتى تصبح جنينا كاملا (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ)!
ثم في هذا المتحف الإلهي العظيم الذي يضم بلايين ، كل فرد منها نموذج خاص يختلف عن غيره من أفراد في شكله وملامحه ، في روحه ومشاعره ، في عقله ومداركه ، وفي كل جزء من أعضاءه حتى وفي بنانه التي تختلف بصماتها مع بعض ، وبصمات كل مع الآخرين : (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ)!
ثم ترى اعجب من الاختلافات الشكلية والعضوية ، اختلافات عقلية وفطرية رغم اشتراك الكل في اصل العقل والفطرة ، كما وفي اصل البنية الإنسانية.