مسايرة بايجاس الخليفة ، التي قد تخلف آثارا سيئة ، حتى خبروه عن حالهم بما يحمل له بشارتين :
(فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) : ـ (قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قالُوا لا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) (١٥ : ٥٢) (نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قالُوا لا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمِ لُوطٍ) (١١ : ٧٠).
هنا وهناك نرى شيخ المرسلين كيف يضيف ضيفه المنكرين قبل أن يعرفهم ، لحد يكرمهم كما يرضى الله ، إذ يعبر عنهم ب (ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ).
ثم لما يرى منهم ما يخيفه يخفيه عنهم مغبة تكريمهم ، وألا يتأثروا بما يعرف من عجيب أمرهم ، ثم لما عرفوا الخيفة الموجسة في نفسه من ملامحه ، أبرزها لهم (قالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ) : نستشعر منكم الخوف فإن أمركم مريب ، فهذه الخيفة الموجسة لم تكن خوفا ثابتا ، وانما استشعارا يعنيه الوجل ، وما أعدل ابراهيم إذ لم يحصل له من أمرهم المريب واقع الخوف ، وإنما مشارفته المسائلة ، لا عداء لهم وامتهانا ، وانما بغية ظهور الحال وعلاجها ، وقد عولجت بالبشارتين ، أن عرفهم رسل ربه المكرمين ، فاستبشر بغلام عليم ، والقضاء على قوم لوط المجرمين.
(وَبَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ) : بشارة بإسحاق من زوجه العجوز العقيم سارة ، بعد أن بشره ربه قبل ذلك بغلام حليم (فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) (٣٧ : ١٠١) من هاجر وهو إسماعيل ، (قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ. قالُوا بَشَّرْناكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنَ الْقانِطِينَ. قالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) (١٥ : ٥٦).
(فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ. قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) : ـ (وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ