منها أكثر من الأموات ، وإلا لم يكن لتوسع المملكة السماوية من معنى!.
ثم الأيدي الإلهية المبنية بها السماء ، والموسعة بها ، هي أيدي العلم والقدرة والرحمة والحكمة ، كما أن (نا) هنا وهناك ، توحي بأن الله جمع في هذه السماء ، كما في الأرض وأنفسكم ، جمع كافة أياديه ورحماته ، الممكن جمعها في الخلق ، فما هو بالخلق وعلى الخلق بضنين!.
(وَالْأَرْضَ فَرَشْناها فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) : توحي بأن الأرض لم تكن مفروشة ممهدة لأهليها منذ خلقت ولفترة لا نعلم عنها شيئا ، ثم شاءت إرادة الرحمة الإلهية أن تفرشها وتمهّدها للأهلين ، ولا سيما لنا كما جعلت كذلك ذلولا : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (١٥) (١) أعدها الله مهدا ذلولا ، وهما يوحيان باليسر والراحة (فَنِعْمَ الْماهِدُونَ) بما خلقنا مهدا ناعما ومحضنا رفيقا.
(وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ)
آية عديمة النظير في كيفية البرهنة على وجود الله وتوحيده ، تحمل أعمق الأدلة الواقعية والعقلية الدالة على الله : «ظاهرة التركب في كل شيء»! ما يدل دلالة قاطعة لا محيد عنها على الحاجة الذاتية في كل شيء ، في أعماق ذاته ، إلى ما وراءه ، الذي يباينه في كيانه (فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ)؟
هذه الآية تتطلب في إيضاح ما تعنيه دراسة واسعة عميقة فصلناها في (حوار) (٢) ونستعرض هنا ما يناسب موسوعتنا ، صادرين عن آيات الله لبينات.
إنها تحكم على كلّ شيء بكونه زوجين ، بغية التذكر : أن الكل فقراء
__________________
(١) راجع الفرقان ـ ج ٢٩ ص ٣٧ حول آية الذلول.
(٢) راجع كتابنا : (حوار بين الإلهيين والماديين) ص ٢١١ ـ ٢٢٨.