مِنَ الْإِنْسِ) (٥٥ : ٣٣) وعصيانهم كذلك أكثر لكثرة التخلف والعدد ، فليتقدموا في موضع التأنيب ، حيث الآية هي آخر رمية على العاتين هنا ، أن في انفلاتهم عن عبادة الله انفلات عن الهدف الأصيل من خلقهم ، وكما نرى الجن تتقدم في أمثالها : (يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ..) (٦ : ١٣) وسوف يتقدمون في النار : (قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ) (٧ : ٣٨).
ومن ثم يتفرع على هذه الحجج الدامغة أن يتذكر الظالمون ولو شيئا ما فلا يستعجلون:
(فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ ، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ).
لقد عرفوا ذنوب أصحابهم المسبقين بذنوبهم : ذنبهم الطويل تبعة لذنوبهم ، أن أتاهم العذاب باستعجالهم قبل يومهم الذي يوعدون ، وليعرفوا من هذه الحجج الباهرة أن العذاب الموعود يستقبلهم لأجله ، إذا (فَلا يَسْتَعْجِلُونِ) كما استعجل أصحابهم بقولهم (أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ)؟ ولم يستعجلون؟ بعد الذي سمعوه من تبعة الاستعجال للسابقين ، وبعد الذي عليهم أن يتأكدوه من العذاب الحتم يوم الدين!. (فَلا يَسْتَعْجِلُونِ) نهي أن يستعجلوا الله في العذاب (١).
«فويل» كل تأوه وتحسر مما عملوا (لِلَّذِينَ كَفَرُوا) من قبل وفي هذا ومن بعد : (مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) يوم الدين ـ يوم هم على النار يفتنون.
__________________
(١) كسر النون هنا دليل على حذف ياء المتكلم ونون الجمع محذوف بجزم النهي.