أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً. رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ ..) (٦٥ : ١٠)
(وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) : والتسجير هو تهيج النار وتسعيرها ، او إضرامها بتكثيرها على من فيها : (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ ، فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) (٤٠ : ٧٢).
فهل انه بحر واحد كما توحيه «البحر» الواحد! وهو بحر النار في الاخرى؟ ام انه بحار الدنيا إذ تسجر عند قيامتها (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) (٨١ : ٦) بان تصبح بحرا واحدا بالزلازل والبراكين التي تزيل الحواجز؟ وقد يوحي به ظرف العذاب الواقع : (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً ..) فانه يوم قيامة التدمير ، وفيه بالذات (إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) عذابا لأهله كبداية ، ثم في قيامة التعمير العذاب الأصيل.
على الجمع أجمل ، بعد ان كلا محتمل ، فالقسم هنا يشمل البحرين المسجورين كعذاب شامل عند القيامة وبعدها.
ومهما كانت لآية الطور وكتاب مسطور .. والبيت المعمور والسماء المرفوع. مهما كانت لها روعتها بعظمتها معنويا ووقعا في القلوب ، فلآية البحر المسجور هيبتها ودلالتها على المقسم لأجله لتاركي الوحي المعمور :
(إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ ، ما لَهُ مِنْ دافِعٍ) أمر داهم قاصم ، ماله من دافع ولا عاصم ، فانه واقع لا محالة بأمر الله على الذين قدموه بأعمالهم ، لا مرد له من الله فضلا عمن سواه.
(يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) :
المور هو التردد في عرض ، والتكفؤ ، والموج ، والسرعة ، والاضطراب ، والجريان ، والدور ، والحركة (١).
إذا فالسماء يوم قيامة التدمير تصبح مائرة دائرة ، متكفئة مترددة ، مائجة
__________________
(١) لسان العرب لابن منظور الافريقي.