جارية مضطربة متحركة سريعة ، فانها على اثر انشقاقها ترتخي فتصبح واهية : (وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ) (٦٩ : ١٦) لحد وردة كالدهان (.. فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) (٥٥ : ٣٧) والمهل (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) (٧٠ : ٨)(١).
وان مور السماء هو من رجعها إذ كانت دخانا حينما ولدت ، ثم تمور مور الدخان : الغاز ـ بحرق وحرارة زائدة الوصف حال احتضارها ، ولأنها غلبت في حربها الأخيرة فرجعت كما كانت ، وإنه لمشهد مروع مهيب كيف تضطرب السماء كأمواج البحر وهي سبع شداد!.
(وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً) : تجعلها كالسراب : (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً) (٧٨ : ٢٠) والأرض بارزة : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً) (١٨ : ٤٧) وهذا السير على اثر الزلزال الدكداك : (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً) (٦٩ : ١٤) فالنسف : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً. لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً) (٢٠ : ١٠٧). هكذا (تذل الشم الشوامخ ، والصم الرواسخ ، فيصير صلدها سرابا رقراقا ، ومعهدها قائما سملقا) (٢) فكيف بهذا الإنسان الهزيل الضعيف ، في هذا الهول المذهل المخيف ، وهو يذهل من كل حادث خفيف طفيف!.
(فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ)
إنه لهم ويل وتأوه عظيم ، على قدر تكذيبهم ، إذ كانوا في خوض لهم يلعبون بآيات الله ويتلاعبون ، فالخوض هنا هو الغور فيها بقصد التزييف والتشكيك والإبطال ، ثم يتخذونها لعبا وهزوا! ف (إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) (٤ : ١٤٠) (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (٤٢ : ٨٢).
__________________
(١). راجع تفسير سور : الحاقة ١٦ والمعارج ٨ والمرسلات ٩ والنبأ ١٩ والتكوير ١١ والانفطار ١ في الجزء ٣٠ من الفرقان.