الأولاد إلى كفالة الوالدين ، وإلى حد الأربعين أيضا ، فضلا عما قبله وقبله ومنذ الولادة فالطفولة .. فهل للأولاد أن يجازوا الوالدين ولو أقل جزاء؟ اللهم لا! إلا أن يستمدوا في ذلك برب العالمين! :
(قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ ..)
«.. أوزعني» : ألهمني ، وليس فقط إلهام الإعلام والإفهام ، فكثيرون هؤلاء الملهمون علما الملهون عملا ، والقصد هنا «ان اشكر ..» لا ان أفكر ، وإنما هو الهام عملي ، او افهام يتبعه العمل : دعوة صارمة تدفع للعمل : (أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ..)
نعمتان هما من الله كسائر النعم : ١ ـ (الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ) أن تربّيت منذ كنت جنينا ولأبلغ الأشد : «الأربعين». ٢ ـ (وَعَلى والِدَيَّ) : أن ربياني صغيرا وكفلاني كبيرا : ان أشكرك في نعمتك علي بأداء واجب طاعتك وعبادتك ، وأشكرك في التي أنعمت على والدي ان أقوم قومة حسنة في الإحسان بهما ، فإنه ايضا من عبادتك ، ف (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
«ان اشكر ..» : قوليا وواقعيا : علميا إيمانيا ومن ثم عمليا ، شكرا في هذا المثلث الميمون المنتهي إلى نتاج رأس الزاوية : العمل الصالح المرضي :
(وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ) كأنه الشكر فقط والأولان يهيئان له فيتقدمانه : أقول شكرا وأؤمن شكرا لأعمل شكرا : (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) (٣٤ : ١٣) ، فالعمل الصالح لجناب الربوبية وساحته ، المرضي عند حضرته ، هو الشكر لنعمته حقا ، دون المقاولات والمحاولات التي لا تعدو الشفاه والقلوب إلى الواقع.
(صالِحاً تَرْضاهُ) شكرا لنعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي ، صالحا يضم إلى شكر الله شكر الوالدين شكرا لله دون سواه.