حفظ ماله وحاله ، وإنما هو القائم فيها : (حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) (٤ : ٦) فبلوغ النكاح هو بداية التكليف ، وليس يكفي لتسليم أمواله إلا بعد إيناس رشد ، فبلوغ الأشد يتراوح بين بلوغ شد التكليف أو شدّيه (١) وبين الأربعين ، ان يحصل له ثالث هو شد الرشد والحكمة ، ثم تتعامل فتتكامل أشده الثلاثة او ما زاد ، ولحد البلوغ الكامل : الأربعين ، فالأربعون هي ـ عادة ـ غاية الرشد ، إذ تتكامل فيها كافة القوى ، وفي هذه السن تتجه الفطرة السليمة الى عمق الحياة ، الحاضرة والمستقبلة ، ولكي تستصلحها بما يصلحها.
هذا هو السير العادي في أدوار السن ، وليس لزاما دون استثناء ، فقد نبئ يحيى عند الصبا : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) وكان من أكمل الوحي ، وكما آمن علي (ع) عند الثانية عشرة من عمره ، عند بزوغ الوحي على الرسول محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم فكان أكمل الايمان (٢) وإنما آية الأربعين تعني السيرة الأغلبية ، دون العموم (٣) ، ودون شخص أو أشخاص خصوص ، ثم انها توحي بمدى حاجة
__________________
(١) شد العقل ، او شدي العقل والجسم.
(٢) اصول الكافي باسناده عن علي بن أسباط قال رأيت أبا جعفر (ع) وقد خرج عليّ فأخذت انظر اليه وجعلت انظر الى رأسه ورجليه لأصف قامته لأصحابنا بمصر فبينا انا كذلك حتى قعد فقال : يا علي ان الله احتج في الامامة بمثل ما احتج به في النبوة فقال : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا) (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) فقد يجوز ان يؤتى الحكمة وهو صبي ويجوز ان يؤتى الحكمة وهو ابن أربعين سنة.
(٣) الخصال للصدوق عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق (ع): إذا بلغ العبد ثلاث وثلاثين سنة فقد بلغ أشده وإذا بلغ أربعين سنة فقد بلغ منتهاه فإذا طعن في واحد وأربعين فهو في النقصان وينبغي لصاحب الخمسين ان يكون كمن كان في النزع.
وفي التهذيب باسناده عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال : سأله أبي وأنا حاضر عن قول الله عز وجل (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ) قال : الاحتلام.
أقول : يبعده ان ليس في الاحتلام الا شد واحد او شدين الا نادرا ، وان قوله : وبلغ أربعين سنة بعد «أشده» يوحي بأن سن الأشد قبيل الأربعين فيناسب الرواية الاولى.