دعوته ، فالمنون من المن : النقص ، يعبر به عن المنية : الموت ، لأنها تنقص العدد وتقطع المدد.
ترى كيف لا يشعرون ـ وهم من مواليد الشعر ـ ان الشعر له وزن خاص ، وليس القرآن مثله ، وانه يخلط الغث بالسمين والقرآن كله سمين ، وانه في أزواجية التناقض ، مع نفسه والواقع ، ولا تناقض في القرآن ، وان لكل شعر دورا ودور القرآن مدار الزمن ما طلعت الشمس وغربت ، فآخر كيدهم أن يتربصوا به اضطراب الموت ، ولكي يختلقوا لأنفسهم عذرا ردحا من الزمن ، ولكن ترى من هو الناجح بموت الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ :
وقد يعني (رَيْبَ الْمَنُونِ) حوادث الدهر ، أن يتربصوا به لتأخذه كوارثه القاصمة ، وحوادثه الحاسمة ، لكي يتخلى عن دعواه ، أو تأخذه نكبة دعوته بما تتهافت كل دعوة باطلة ، وتتساقط على مدعيه فاضحة إياه ، أو يلاحقه من يتربص به الدوائر ، بما عندهم من أساليب تسقطه عن مكانته ، وتفضحه في ذعرته ، أم ماذا؟.
(قُلْ تَرَبَّصُوا) ولكي يفتضحوا هم وهو غالب الحجة (فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) ولكي تستبين لكم سبيل المجرمين ، فلا يزدادكم التربص إلا حسرة ، ولا يزداده إلا نموا وكثرة.
(قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) فسوف تعلمون أن بموتي لا تموت دعوتي ، ولا ينتهي دور شعري! فانما يبقى ما بقي الدهر وكما قال وحيدكم بعد ما فكر وقدر : (إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ) : يبقى ولا يزول ، مما يدل أنه لا سحر ولا شعر! ألا فتربصوا ، فستعلمون من تكون له عاقبة الأمور ، ومن ينتهي به التربص إلى النصر والظهور؟ هذا هو القرآن اللامع ، والتبيان الصادع ، الذي لا يزداده مرور الدهور إلا زيادة النور والبهور.
(أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) : تبكيت لهم وإزراء