عليهم ، ماذا الذي يدفعهم إلى هذه الأقاويل الزور : انه كاهن أو مجنون أو شاعر أم ماذا؟ هل هو أحلامهم؟ : عقولهم الحكيمة كما يدّعون؟ وقد علموا بعده عنها ومباينته لها! وأي عاقل يرمي معدن العقل وبحبوحته بالجنون؟ فما هذا أمر الأحلام ، وإنما أمر الجنون!.
أم أن الأحلام هنا تعني رؤيا المنام ، فأحلام العقل لا تأمرهم بهذا وإنما أضغاث أحلام ، التي يحكم ضعفاء عقول الأحلام.
أم لا هذا ولا ذاك (بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) : على عقولهم لو كانت لهم عقول ، وطاغون على الله ، وعلى رسالات الله ، ولكي يتحللوا عما ياسرهم عن البربريات والحريات في الشهوات ، تسامحا عن عقولهم ، وسماحا لشهواتهم.
(أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ) : ـ (وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ. ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ. فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ) (٦٩ : ٤٧).
والتقول هو تكلف القول الكذب المختلق ، والقرآن بنفسه في مربع حصين يدل على وحيه الصادق الأمين :
١ ـ عدم الاختلاف فيه. لا مع بعض في أي من الجهات ، ولا مع العقل أو الواقع (وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) (٤ : ٨٢).
٢ ـ وترى لو كان هذا القرآن من عند غير الله ، فما هي إذا صفة قول الله ، التي يفقدها القرآن؟ ما هي إلا قمة الرصانة والمتانة المتواجدة في القرآن!.
٣ ـ ثم ولو أمكن التقول فيه ، فما لله لا يأخذ من محمد باليمين ، ولا يقطع عنه الوتين ، ذودا عن كرامته ، ودفعا عن فريته ، بل وزوده فيه وفي قرآنه بأقوى المعجزات وأخلدها! إذا فما هو تقوّل (بَلْ لا يُؤْمِنُونَ)!.
٤ ـ وأخيرا لو كان تقولا من كاهن شاعر مجنون ، فأتوا أنتم العقلاء الشعراء النبلاء بمثله :