يكون شيئان ، فالشيء الأول الإله خلق الثاني لا من شيء ، لا من لا شيء ، وقد يكون ثالث خلقه الله من الشيء الثاني : المادة الأم ، كسائر التراكيب المخلوقة منها ، فالأشياء كلها مخلوقة من خالق ، خلقها لا من شيء ، أو من شيء ، لا من اللاشيء ، فإنه محال كما المخلوق بلا خالق.
فالله تعالى شيء لا كالأشياء ، خلق المادة الأم لا من شيء ، وخلق سائر الخلق من هذا الشيء ، وهذه كلها تختلف عن خلق الأشياء من غير شيء ، من لا شيء بمعنيه ، حيث المخلوق بحاجة ذاتية إلى الخالق ، ولا يمكن صدوره من مادة العدم.
(أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) بعد ما ثبت ان لك خالقا ، فهل أنت الخالق نفسك ، فلتكن كائنا قبل كونك حتى تخلقه ، ولتكن غير كائن حين تخلق ، فأنت إذا كائن ولا كائن في حالة واحدة لكي تكون خالق نفسك!
هذه خطوات ثلاث إلى الله ، إنك مخلوق ـ إن لك خالقا ـ إن خالقك غيرك ، ومن ثم إذ تعترف أن لك خالقا غيرك ، فهل هو الخالق للسماوات والأرض أم أنت؟ :
(أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ) : ـ؟ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) (٢٩ : ٦١).
ثم يبقى أن الخالق للكون أجمع هل هو حكيم لطيف عليم ، أم جاهل غير حكيم؟ والكون بنظامه البارع الموحد يدل على أن منظمه حكيم عليم : (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (٦٧ : ١٤) : خطوات خمس من نفسك إلى الله تلجئك أن تمشي سويا على صراط مستقيم ، صراط الله الذي له ما في السماوات والأرض وإليه ترجعون ، فهل انكم بعد ذلك تكذبون؟!
(بَلْ لا يُوقِنُونَ) : لا يدقون أبواب الإيقان ، ولا يحاولون الوصول إلى