كلّا : انه إسلام الوجه لله قلبا وقالبا : (وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ) (٤ : ١٢٥) ، وكل درجة منه درجة بعد الإيمان ، بل هو ناتج عن الإيمان ، فما لم يكن إيمان فلا إسلام! وهذا الإسلام هو الإيمان والعمل الصالح للإيمان بعد التوبة : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) (١٩ : ٦٠).
(أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) :
أولئك الأكارم ، التائبون نصوحا ، المسلمون حقا ، الصالحون أعمالا ، الشاكرون لله ، المحسنون بالوالدين ، أولئك الذين يتقبل الله عنهم أحسن ما عملوا من هذا وذاك ، ويتجاوز عن سيئاتهم : المعاصي الصغيرة : تركا لصغائر الواجبات ، وفعلا لصغائر المحرمات ، فإنها كلها سيئات ، ويتجاوز عنهم سيئاتهم كل سيئاتهم ، وقد يبدل سيئاتهم حسنات إذا أحسنوا التوبة والإسلام والعمل الصالح : (إِلَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ) (٢٥ : ٧٠).
نتجاوز .. في أصحاب الجنة ، وهم درجات ، فالتجاوز أيضا درجات ولحد تبديل السيئات حسنات :
(وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ) في آيات أخرى وهي تترى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) (٢٩ : ٧). (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) (٤ : ٣١) ففعل أحسن الحسنات كما هناك ، وترك أسوء السيئات كما هنا ، هما من أشفع الشفعاء عند الله لتكفير سائر السيئات : إيجابية في فعلها ، وسلبية في ترك صغائر الواجبات فإنه من السيئات.