بتلك السرعة الخارقة التي تخطت سرعة الضوء ـ علّه ـ بملايين الأضعاف! وكما سيمر عليك بحثه بعد قليل.
(وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) : ولأنه ذو مرة فاستوى ، ولأنه علمه شديد القوى فاستوى: حال انه بالأفق الأعلى ، فهنا استواء أول ، قد حصل بما علمه شديد القوى ، وانه ذو مرة ، واستواء ثان إذ عرج بهذا الاستعداد المطلق الى أعلى الآفاق الممكنة لسائر الكائنات : قلبا وقالبا ، ثم ارتقى الى أفق أعلى هو مقام «ثم دنى» ثم الى أعلى منها وهو مقام «او ادنى» وهو الأفق المبين الذي بان له فيه رب العالمين ، إذ رآه بنور اليقين : (وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ) فقد «على فاستعلى فجاز سدرة المنتهى وكان من ربه قاب قوسين او ادنى» (١) : في مثلث من أعلى الآفاق مختلف السياق ، فلم يشاركه في الأعلى الأول أحدا من العالمين ، فأنى لهم بالثاني ، ثم الثالث وهو الأفق المبين!.
والأفق هو مد البصر في الدائرة المحيطة بالمبصر ، بصر العين او بصيرة اليقين ، فالأفق الأعلى هو أعلى الامتدادات للبصائر والأبصار في أعلى الأماكن او المكانات ، فقد خطأ في معراجه صلّى الله عليه وآله وسلّم ثلاث خطوات ، الى الأفق الأعلى قياسا لسائر الممكنات ، ثم الى أفق «ثم دنى» وأخيرا الى أفق أعلى منهما : «فتدلى» حيث لم يشاركه في تخطيه احد من الروحانيين ، وحتى جبرئيل الأمين.
(ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى. فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) :
ـ دنوا واقترابا من العلي الأعلى ـ (٢) ، دنو معرفي الى الله ، وتدل معرفي
__________________
(١)الاحتجاج للطبرسي حديث طويل عن الامام زين العابدين علي بن الحسين (ع) انا ابن من على ... فالعلو الاول هو الأفق الأعلى الاول ثم واستعلاءه هو الثاني في سدرة المنتهى ، وجوازه سدرة المنتهى هو الأفق الثالث.
(٢) من فقرات دعاء الندبة.