بالله «دنى بالعلم» (١) وتدلى بالتجاهل عن نفسه «ولو لا ان روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر ان يبلغه» (٢) ف «لم يزل عن موضع ولم يتدل ببدن» (٣) (ليس بدنو حد ، وانما دنو النبي صلى الله عليه وآله وسلم من ربه وقربه منه ، ابانة عظيم منزلته ، وتشريف رتبته ، واشراق نور معرفته ، ومشاهدة اسرار غيبه وقدرته ، ومن الله له مبرة وتأنيس وبسط وإكرام) (٤) وكما يروى من صاحب المعراج أيضا «لما عرج بي الى السماء دنوت من ربي حتى كان بيني وبينه قاب قوسين او ادنى» (٥) «قربني ربي حتى كان بيني وبينه كقاب قوسين او ادنى» (٦) وفي هذه الحالة التجردية «رفع له حجاب من حجبه» (٧) وهو الحجاب الأخير الممكن رفعه ، وهو حجاب ذاته (ص) المقدسة ، وبقي حجاب ذات الله سبحانه وتعالى ، المستحيل رفعه لمن سوى الله.
فهنا لك دنو ، ثم تدل ، ثم وحي ، وأهم من كل ذلك رؤية الله : أقرب القرب اليه معرفيا : دعائم اربع تدعم مكانة صاحب المعراج ، وتتبنى كيانه الروحي لأعلى الدرجات المعرفية بالله ، حيث لا خبر عنه لا لملك مقرب ، ولا
__________________
(١) الاحتجاج للطبرسي عن موسى بن جعفر عن آبائه عن الحسين بن علي (ع) في حديث قال «دنى بالعلم».
(٢) تفسير القمي باسناده عن الصادق (ع) أول من سبق الى «بلى» رسول الله (ص) وذلك انه اقرب الخلق الى الله وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسرى به الى السماء : تقدم يا محمد! فقد وطئت موطئا لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولو لا ان روحه ...
(٣) الاحتجاج للطبرسي عن موسى بن جعفر (ع) في آية التدلي.
(٤) تفسير روح البيان ج ٩ : ٢٢٠ رواه عن الامام الصادق (ع).
(٥) أمالي الطوسي باسناده الى ابن عباس قال رسول الله (ص) :
(٦) روح البيان ج ٩ : ٢١٩ عنه (ص).
(٧) علل الشرايع عن الامام موسى بن جعفر في حديث طويل : فلما أسري بالنبي وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى رفع له حجاب من حجبه.