من قرآنه المبين (١) ام وماذا بعد؟ لا يعلمه الا من اوحي اليه ، ولا توحي آيته بشيء منه إلا : (فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) ، وقد تلمح انه اوحى اليه كل ما أوحاه طوال بعثته ، من قرآنه وسنته ، ولكنه بصورة مجملة فيها كل التفاصيل!. ومن ملحقات هذا الوحي تكشّفه صلّى الله عليه وآله وسلّم عن اسماء اهل الجنة والنار (٢) فهذا وأشباهه من مخلفات انكشاف ملكوت السماوات والأرض له ، حين تصفّى عن كل كدر عارضي وان كان من حجب النور ، فأصبح يرى بعين الله ، ويسمع بإذن الله ، منكشفا له كل خلق الله اللهم إلا ما اختص بعلمه الله.
ولقد كان في معراجه صلّى الله عليه وآله وسلّم تشريف له ان يخترق حجب النور الى معدن العظمة ، وكما «أراد ان يشرف ملائكته وسكان سماواته بمشاهدته ، ويريه من عجائب عظمته ما يخبر به بعد هبوطه» (٣).
__________________
(١) القمي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله (ع) ان قوله تعالى : «آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ ...» مشافهة الله لنبيه (ص) لما أسري به الى السماء.
وفي احتجاج الطبرسي عن الحسين بن علي (ع) في الآية : «فكان فيما أوحى اليه» الآية التي في سورة البقرة : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم (ع) الى ان بعث الله تبارك اسمه محمدا (ص) وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها وقبلها رسول الله (ص) وعرضها على أمته فقبلوها.
(٢) بصائر الدرجات عن الصادق (ع) في إسراء النبي (ص) حتى انتهى الى سدرة المنتهى ، فقال السدرة : ما جازني مخلوق قبل. قال : ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين او ادنى فأوحى الى عبده ما اوحى ، قال : فدفع اليه كتاب اصحاب اليمين واصحاب الشمال ، فأخذ كتاب اصحاب اليمين بيمينه وفتحه فنظر اليه فإذا فيه اسماء اهل الجنة واسماء آبائهم ، ثم طوى الصحيفة فأمسكها بيمينه وفتح صحيفة اصحاب الشمال فإذا فيها اسماء اهل النار واسماء آبائهم وقبائلهم ، ثم نزل ومعه الصحيفتان فدفعهما الى علي بن أبي طالب (ع).
(٣) التوحيد للصدوق عن موسى بن جعفر في علل المعراج.