لكثرة غناءها في الاستظلال بسعة أوراقها ، فهي من شجر الجنة : «واصحاب اليمين ما اصحاب اليمين. في سدر مخضود» (٥٦ : ٢٨).
وبما ان ورقها تظل ظلا واسعا ، وتنظف عن الدرن ، عبر عن مقام التدلي بسدرة المنتهى : منتهى السدرة : منتهى السترة والحجاب عما سوى الله ، وغاية النزاهة عن أدرانها ، وانما سميت المنتهى لذلك ، ولأنها منتهى علم الخلائق ، ثم ليس لأحد ورائها علم ، فانه من الغيب المخصوص بالله ، فلما تستر وتحجب في ذلك المقام عمن سوى الله ، رأى الله ببصيرة صافية دون حجاب ، اللهم الا حجاب الذات ، وبما ان السدرة ـ كذلك ـ هي الحيرة ، أصبح الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم في منتهى الحيرة لما وصل الى منتهى المعرفة الالهية الممكنة له دون من سواه ، فاحتجب عمن سوى الله ، فاخترق الحجب بينه وبين الله : احتجب حتى عن نفسه فتدلى ، بعد ما احتجب عن غيره إذ دنى (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى. فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى) وعلى حد المروي عن صاحب السدرة : «انتهيت الى سدرة المنتهى وإذا الورقة منها تظل امة من الأمم فكنت من ربي كقاب قوسين او ادنى»(١) إذا فأوراقها تظل وتحجب كافة الأمم من كائنات العالم ، وقد استظل صاحب السدرة في ظلها واحتجب عن الكائنات كلها ، وأحرى منها ما في رواية اخرى : «ان الورقة منها تظل الدنيا». (٢) فإذا ورقة منها تظل الدنيا ، فأوراقها كلها تظل الآخرة والدنيا ، دون ان تبقي ظلا الا ظل الذات المقدسة :!
و (عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى) تصريحة على كونها فوق السماء السابعة ، محيطة بها ، فتجاوب الآيتين الصريحتين ان سعة الجنة سعة السماوات والأرض : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) (٣ : ١٣٣) «... كعرض
__________________
(١) القمي : حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن أبي عبد الله (ع) قال قال النبي (ص) :
(٢) قرب الاسناد للحميري باسناده الى أبي عبد الله (ع) عن أبيه عن جده قال قال رسول الله (ص) : ..