السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (٥٧ : ٢١) فيسقط سؤال : إذا كان عرض الجنة السماوات والأرض فأين النار؟ وبما ان الجنة الآن موجودة فلتكن السماوات والأرض الآن كلاهما الجنة؟ فان آية السدرة تجيب عنهما : ان الجنة المأوى هي عند سدرة المنتهى ، فوق السماء السابعة وتحت العرش ، فلتكن النار تحتها ، ثم لا جنة الآن في هذه السماوات والأرض! الا البرزخية لأهل البرزخ ، وليست هي جنة المأوى.
(إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى) : فهناك السدرة مغشية كما هي غاشية ، مغشية بحجاب الذات المقدسة الإلهية ، وغاشية كل ما سوى الذات المقدسة وعلى الكل ، فكما السدرة خرقت كل الحجب بينه وبين الله ، كذلك لم تبق مكشوفة دون حجاب ، وانما غشيها ما يغشى : الذات المقدسة الإلهية التي تغشى دوما إلا دون ذاتها ، فهناك في مقام التدلي لم يبق أيّ حجاب إلّا خرقتها السدرة ، اللهم إلّا حجاب الذات ، الدائبة دوما أمام العارفين (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى)(١) ونعم ما ينشد الشاعر الفارسي عن هذه الحالة المعراجية :
خيمة برون زد ز حدود وجهات |
|
پرده أو شد تتق نور ذات |
تيرگى هستى أز او دور گشت |
|
پردگى پرده آن نور گشت |
كيست كز آن پرده شود پرده ساز |
|
زمزمه اى گويد از آن پرده باز |
ويقول آخر :
در آن ديدن كه حيرت حاصلش بود |
|
دلش در چشم وچشمش در دلش بود |
فلقد أصبح كله بصرا روحيا دون زيغ ولا غواية فيما رأى :
في هذا المقام حصل له من الزلفى ما لم يحصل لأحد من الخلق ، ولا لجبرائيل وإسرافيل ، إذ «إن بينهما وبين الله أربعة حجب : حجاب من نور وحجاب من
__________________
(١) القمي في تفسيره قال (ع): لما رفع الحجاب بينه وبين رسول الله (ص) غشي نور السدرة.