ف (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ) (٣ : ١٦٣) : (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) لماذا؟ .. (وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) فعطف الواو هنا يعطف بنا إلى المحذوف من غايات الدرجات ، فأعمالهم هي التي تجعلهم عند الله وبإذنه درجات ، وإن كانت الحسنات بفضله مضاعفات ، وإن كانت بعض السيئات بفضله مكفرات ، ولكنما الأصل المذكور هنا : (وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) توفية عدل ، وإن كان هناك فضل فوق عدل ، وليس هنا ظلم دون عدل.
ثم إن توفية الأعمال؟ هي الوفاء الكامل للعاملين بنفس الإعمال : إبرازا لصورها وأقوالها المسجلة في مختلف السجلات الكونية : من أرض بفضائها ، ومن أعضاء العاملين لهما أم ماذا (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) (٣ : ٣٠).
فهي تشهد لك أو عليك يوم يقوم الإشهاد ، فتعذب بها نفسيا أو تتلذذ على رؤوس الاشهاد ، ثم هي تتحول بإذن الله إلى ملكوتها وحقائقها الشريرة أو الخيرة فتعذب بها نفسها أو تثاب : (هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٧ : ٩٠) (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ)(وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) لا ينقصون : عما عملوا من طاعة أو عصيان ، وإنما جزاء عدلا وفاقا في العصيان ، ومع فضل من الله في بعض العصيان تكفيرا وعفوا ، ومع الفضل كل الفضل في الطاعات ، إذا فلا نقصان لا في طاعة ولا عصيان.
(وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ).
هنا معرض السيئات بعد أن قضي الأمر وأتى دور الحساب : (يُعْرَضُ الَّذِينَ