من شرب الخمر ثم لا يعود ويلم بالسرقة ثم لا يعود» (١) فاللمم «هو الإلمام بالذنب أحيانا دون ان يكون من سليقته وطبعه (٢) لان المؤمن مطبوع بترك الكبائر والفواحش.
وإذا كان اقتراف الكبائر دون تكرار من اللمم ، فأحرى ان يكون منها اقتراف الصغائر دون إصرار ، وأحرى منهما اقتراب اي منهما دون عمل وإقرار ، فمن معاني اللمم الاقتراب والمشارفة (٣) والجمع الإصلاح ، فمن يجمع : يعزم ـ على ذنب ، ثم ينصرف ، مقاربا له مقارفا إياه ، فقد أخذته اللمم ، ومقاربة الذنب هي الدخول في معداته ومقدماته وكما عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم (٤).
__________________
(١) الدر المنثور ٦ : ١٢٨ ـ اخرج ابن مردويه عن الحسن قال قال رسول الله (ص): أتدرون ما اللمم قالوا الله ورسوله اعلم قال : هو الذي ... وعن أئمة اهل البيت مستفيضا ان اللمم الرجل يلم بالذنب فيستغفر الله منه كما في الكافي عن أبي عبد الله (ع) بأسانيد عدة.
(٢) رواه القمي في تفسيره عن أبي عبد الله (ع) قال : ما من ذنب الا وقد طبع عليه عبد مؤمن يهجره الزمان ثم يلم به وقول الله عز وجل (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) قال اللمام العبد الذي يلم بالذنب بعد الذنب ليس من سليقته اي من طبعه.
(٣) تقول العرب : ما تزورنا الا لماما اي أحيانا وضربته ما لمم القتل اي قاربه ، والم يفعل كذا : قارب ، ومنذ شهرين او لممها ـ مذ شهر او لممه اي قراب شهر ، وفي حديثه (ص) وان مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا او يلم : يقارب وفي صفة الجنة : فلو لا انه شيء قضاه الله لا لم ان يذهب بصره ، وفي حديث الافك : وان كنت ألممت بذنب فاستغفري الله اللمم ، ونخلة ملمة : قاربت الارطاب ، وغلام ملم قارب البلوغ والاحتلام (لسان العرب).
(٤) الدر المنثور ٦ : ١٢٧ عن ابن عباس قال ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال ابو هريرة عن النبي (ص) قال (ص): ان الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العين النظر وزنا اللسان النطق والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه. ويقربه ما أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الايمان عن ابن مسعود في قوله الا اللمم قال : زنا العينين النظر وزنا الشفتين التقبيل وزنا اليدين البطش وزنا الرجلين المشي ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه فان تقدم بفرجه كان زانيا والا فهو اللمم ، أقول نصدق ذلك الا حصر اللمم في المقدمات ، فان الزنا أحيانا أيضا من اللمم كما سبق.