إذا فمقاربة الكبيرة وان كانت بتكرار ، او مقارفتها دون تكرار ، او الصغيرة دون إصرار ، هذه كلها مما تعنيه اللمم المستثناة ، معاني تتجاوب مع بعض ، كما وتتجاوبه الادلة : كتابا وسنة ولغة واعتبارا ، فالمسيء هنا هو المدمن للفاحشة والكبيرة ، إذا أصبحتا من طبعه وسليقته ، وما سوى الإدمان ، لمم فمنها اقتراف صغائرها المعدة لها ، وقد لا يخلو منها اي عبد وكما يروى عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم «ان تغفر اللهم تغفر جما* وأي عبد لك لا ألما (١).
وأخيرا في (إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ ..) ايحاء واضح بكون اللمم ذنبا ـ لا اهتمامه فحسب ـ وإلّا فمم المغفرة؟ فلتكن من اقتراف كبيرة ، أو اقترابها بصغيرة ، فالذين أحسنوا هم الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش كطبيعة لهم إيمانية ، إلّا ان يقعوا في شيء منها أو دونها ، ثم يعودوا سراعا دون إصرار ولا تكرار ، ف (إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ)(وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ) : يعلمون أنه فاحشة ، ويعلمون : أن يكونوا في حالة عادية ذاكرين عامدين ، وأما التكرار والإصرار دون علم بالفاحشة ، أو في غفلة وجنون الغفوة فلا يخرجهم عن الايمان.
__________________
(١) قاله امية وتمثل بها النبي (ص) فانه ما كان ينشد اشعارا «وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ» وفي الدر المنثور ٦ : ١٢٧ أخرجه سعيد بن منصور والترمذي وصححه والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله الا اللمم قال هو الرجل يلم بالفاحشة ثم يتوب منها قال قال رسول الله (ص) ان تغفر اللهم تغفر جما واي عبد لك لا ألما ، أقول وقوله (ص) هذا لا يدل على انه من إنشاده لما دل عليه القرآن.