وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ وَلَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ) (٢٩ : ١٣)(لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ) (١٦ : ٢٥).
يروى أن المتولي المكدي هنا «هو عثمان بن عفان كان يتصدق وينفق فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن سعد بن أبي سرح : ما هذا الذي تصنع؟ يوشك أن لا يبقى لك شيء ، فقال عثمان : إن لي ذنوبا وإني أطلب ما أصنع رضى الله وأرجو عفوه ، فقال له عبد الله أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها ، فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن النفقة فنزلت الآيات» (١).
وكما يروى ذلك في غيره أيضا وعلّها من أشخاص عدّة تنزيل الآيات تنديدا بهم وأمثالهم أيا كانوا.
فهنا الآيات تندد بمن يزعم هكذا ، أولا : أن لا سناد له من علم الغيب ، وحمل أوزار الآخرين لو صح ، فهو من غيب الله (أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى) والغيب الوحي خاص برسل الله ، وهؤلاء المناكيد هم رسل الشيطان وأولياؤه.
وأخيرا هنالك إثباتات من كتاب الوحي : (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى. وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى. ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى).
ففي كتاب موسى (سفر التثنية ٢٤ : ١٦) : «لا يقتل الآباء عن الأولاد ولا يقتل الأولاد عن الآباء ، كل إنسان بخطيئته يقتل» كما وفي فرع من فروعه : (حزقيال ١٨ : ٥ ـ ٢٢) : «النفس التي تخطئ هي تموت ٥ ـ والذي سلك في فرائضي وحفظ أحكامي ليعمل بالحق فهو بار حياة يحيا ٩ ـ وان ولد ابنا رأى جميع خطايا أبيه ... ولم يفعل مثلها ١٤ ـ وسلك في فرائضي فإنه لا يموت
__________________
(١) كما حدده الزمخشري في الكشاف ، ورواه ابن عباس والسدي والكلبي وجماعة من المفسرين.