ولكنه : (وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى) في البرزخ والقيامة ، رؤية تبهجه وتبشره (ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ الْأَوْفى) : فسعيه يوم الدنيا هو هو جزاءه يوم الآخرة ، إذ تظهر حقيقته بعدل الله وفضله.
فهنا في الحياة الدنيا يرى بعض الجزاء لما سعى ، ثم في الوسطى : البرزخ ، يرى وفيا من الجزاء ، وثم في الأخرى يرى جزاءه الأوفى ، وهو ظهور ما سعى بكامل حقيقته كما وعد الله الساعين الصالحين ، وأوعد الساعين الطالحين : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) (٣ : ٣٠).
حوار حول آيتي الوزر والسعي :
آية الوزر تنفي ان تزر نفس وازرة وزر نفس وازرة اخرى ، ولا تنفي ذلك من نفس غير وازرة كالمعصومين الطاهرين عن الأوزار ، فلا تنفي إذا أن تزر نفس المسيح (ع) أوزار أمته. أو سواه من المعصومين عن سواهم من الوازرين.
الجواب : أن الوازرة هنا ليست هي الحاملة لوزرها ، بل هي المتحملة ادعاء لوزر وازرة اخرى حاملة لها ، و «لا تزر» تضرب هدفين بسهم واحد : أنها لا تحمل ما تحملته ، يوم الحساب ـ ولو استطاع ـ (وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ) (٢٩ : ١٢) إذ هي مثقلة بأوزارها نفسها ، فكيف تحمل أوزار غيرها ، وهي ترجو ان تحمل أوزارها لتخف هي عنها ، وهي نفس كافرة أو فاسقة لا تستقيم على وعدها يوم الدنيا ، فكيف بالأخرى!. وانها لا يؤذن لها أن تتحمل وزر غيرها ولو صدقت ، طالما تتحمل من أوزار من أضلتها دون أن ينقص عن المضلل شيء.
ثم إذا لا يؤذن لنفس خاطئة إن تزر وزر أخرى ، رغم استحقاقها العذاب فكيف بأنفس معصومة طاهرة مستحقة لكل تكريم ، أن يؤذن لها لتحمل