بالطيبات المحللات وأمتع ، واستفاد من زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق حسب شريعة الله ، فإن ذلك ليس من اذهاب الطيبات (١) وإنما الذي
__________________
(١) قد يكون اذهاب الطيبات اخلادا الى الدنيا فهو كفر ، او يكون تمتعا بالحلال دون غفلة عن الآخرة ف «قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ» ولكن القدوة من اهل الله أحيانا يتركونها ، لا تحريما لها ، وانما زهدا في الدنيا وتسكينا للفقراء وكما يروى عن عمر بن الخطاب قال : استأذنت على رسول الله (ص) فدخلت عليه في مشربة أم ابراهيم وانه لمضطجع على حفصة وان بعضه على التراب وتحت رأسه وسادة محشوة ليفا فسلمت عليه ثم جلست فقلت : يا رسول الله! أنت نبي الله وصفوته وخيرته من خلقه وكسرى وقيصر على سرر الذهب وفرش الديباج والحرير ، فقال رسول الله ص): أولئك قوم عجلت طيباتهم وهي وشيكة الانقطاع وانما أخرت لنا طيباتنا.
وعن أمير المؤمنين علي (ع) في بعض خطبه : والله لقد وقعت مدرعتي هذه حتى استحييت من راقعها ، ولقد قال لي قائل : ألا تنبذها؟ فقلت : اعزب عني : فعند الصباح يحمد القوم السرى.
وفي الدر المنثور ٦ : ٤٣ ـ أخرج احمد والبيهقي في شعب الايمان عن ثوبان (رض) قال : كان رسول الله (ص) إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة فقدم من غزاة له فأتاها فإذا بمسح على بابها ورأى على الحسن والحسين قلبين من فضة فرجع ولم يدخل عليها فلما رأت ذلك فاطمة ظنت انه لم يدخل من اجل ما رأى فهتكت الستر ونزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما فبكى الصبيان فقسمته بينهما فانطلقا الى رسول الله (ص) وهما يبكيان فأخذه رسول الله (ص) منهما فقال : يا ثوبان! اذهب بهذا الى بني فلان اهل بيت بالمدينة واشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج فان هؤلاء اهل بيتي ولا أحب ان يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا.
وفي نور الثقلين انه لما دخل العلاء بن يزيد بالبصرة يعود عليا (ع) قال له العلاء : يا امير المؤمنين! أشكو إليك أخي عاصم بن زياد ، لبس العباء وتخلى من الدنيا ، فقال (ع) : عليّ به ، فلما جاء قال (ع) : يا عديّ نفسه لقد استهام بك الخبيث ، أما رحمت أهلك وولدك؟ أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها؟ أنت أهون على الله من ذلك! قال : يا أمير المؤمنين! هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك؟ قال : ويحك ، اني لست كأنت ، ان الله تعالى فرض على أئمة الحق ان يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيلا تبيغ بالفقير فقره.