وهناك أنجم أثقل وأضوء وابعد منها عنا بملايين الأضعاف!.
الجواب : ان الآية لا توحي باختصاص ، وإنما لأن الشعرى كانت معروفة منذ القرون الأولى دون غيرها ، وانها كانت معبودة لأقوام ، كخزاعة وحمير ، وكانت ترصد كنجم ذي شأن ، وان السورة بدأت بالنجم إذا هوى ، لذلك يقول هنا (وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى) تنديدا بمن يعبدها ويرصدها ، انتهاء للجولة بما ابتدئ فيها ، رغم اختلافهما ، ان ذلك نجم الرسالة والقرآن ، وهذا نجم عبدت من دون الله ، فالنجم الأول رسول من الله ليزيف مكانه الثاني ، تثبيتا للربوبية المطلقة الإلهية ، والشعرى هذه هي اليمانية المضيئة المعبودة ، لا الشامية.
(وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى. وَثَمُودَ فَما أَبْقى. وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى. وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى. فَغَشَّاها ما غَشَّى. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى).
جولة في مصارع أربعة من الغابرين ، لتكون ذكرى للحاضرين ومن يتلوهم ، فيكفوا عن مظالمهم ، فكل غابر ذكرى لكل حاضر تبشيرا وإنذارا.
فعاد الاولى هم قوم هود (ع) وثمود هم قوم صالح ، فما أبقى منهم باقية : (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) (٦٩ : ٨) اللهم إلّا المؤمنة : (وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) (٤١ : ١٨). (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ) عاد وثمود «إنهم» قوم نوح (كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى) من عاد وثمود ومن سواهم منذ وجد الإنسان إلى زمن نزول القرآن. إذ لا يعرف تاريخ الرسالات قوما يدعوهم نبيهم الف سنة إلّا خمسين عاما وهم بعد صامدون في كفرهم ، عامدون في ظلمهم ، إلّا قليلا نجاهم الله مع نوح (ع) بما نجى. (١)
__________________
(١) راجع ص ٣٠٩ من الجزء الثلاثين.