(وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى) : الأقوام الفاعلة الإفك : الصارفة الحق عن وجهه ، الجاعلة إياه في هوّات جارفة لكي يخيل إلى الجهال أنه باطل ، الرافعة أعلام الباطل بمظاهر الحق تمويها أنه الحق ، فهم ـ إذا ـ سائر الأقوام المكذبة بآيات الله ، التي أهواها الله يوم الدنيا ، إذ أسقطها في مهاوي ومساقط بمختلف العذاب ، فلا تختص إذا بقوم لوط ، المؤتفكة المنقلبة قراهم ، لأنها مفعولة الإفك «المؤتفكة» وذلك فاعلته «المؤتفكة» فأولاء هم الذين ائتفكوا لو قلبوا الحق باطلا ، أيا كانوا من كفار التاريخ من الذين أهواهم الله بعذابه يوم الدنيا قبل الآخرة : (وَقَوْمِ إِبْراهِيمَ وَأَصْحابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكاتِ) (٩ : ٧٠) (وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ) (٦٩ : ٩) فان القرى المؤتفكة ليست بخاطئة!.
وعلّ المؤتفكة الفاعلة هنا تشمل المنفعلة أيضا ، من ديار الأفاكين الطاغين : ولأنه انفعال يجب كونه فعلا ، بما ان الإفك هو القلب والصرف ، إن من الآفكين باطلا ، أو من الله حقا جزاء لهم وفاقا ، إذ أفك وقلب ديارهم فأتفكت ، وأهواها الله تعالى فانجرفت ، كما في ديار قوم لوط وعاد وثمود واضرابهم من السابقين واللاحقين ، مثل البصرة على حدّ تعبير أمير المؤمنين (ع): «يا أهل البصرة يا أهل المؤتفكة ..» (١).
__________________
(١) يا جند المرأه واتباع البهيمة ، دعا فأجبتم وعقر فانهزمتم ، فانكم زعاق وأديانكم رقاق ، وفيكم النفاق ، لعنتم على لسان سبعين نبيا ، ان رسول الله (ص) اخبرني ان جبرئيل أخبره انه طوى له الأرض فرأى البصرة اقرب الأرضين من الماء ، وأبعدها من السماء ، وفيها تسعة أعشار الشر والداء العضال ، المقيم فيها بذنب ، والخارج منها برحمة. وقد ائتفكت باهلها مرتين وعلى الله الثالثة وتمام الثالثة في الرجعة(نهج البلاغة).
وفي الكافي عن علي بن ابراهيم باسناده الى أبي عبد الله (ع) في (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى) قال : هم اهل البصرة ، وهم المؤتفكة ، والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات ، قال : أولئك قوم لوط ائتفكت عليهم اي انقلبت عليهم ، أقول وهذا من تفسير المصداق.