وَدُسُرٍ) : حاملة ذات أخشاب كبيرة وأوتاد تربطها! اللهم إلّا بأعين الله ، فهي إذا تحمل رسول الله ومن معه من المؤمنين بالله : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) : طوال الف سنة إلّا خمسين عاما ، فقد كفروا به طوال الدعوة ، وستروه عنها وما يحق له ، فكفرهم الله في الغامرات ، كفرا بكفر وسترا بستر ، وسوف يجزون يوم القيامة جزاءهم الأوفى بما كانوا يكفرون. فقد تتحمل (جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ) أن تعني ـ إضافة إلى هذا الحمل والجري العظيم ـ التقاء الماء على أمر قد قدر من غرق الكافرين ، ففي غرقهم له جزاء كما في حمله ونجاته له جزاء ، فليس غرقهم جزاء عليهم بكامله ، اللهم إلّا نذرا ، وإلّا له جزاء هنا.
ومن ثم نرى لهذا الجزاء ذي زاويتين بقاء كآية للمؤمنين والكافرين :
(وَلَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) :
(إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ. لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ) (٦٩ : ١٢) (فَأَنْجَيْناهُ وَأَصْحابَ السَّفِينَةِ وَجَعَلْناها آيَةً لِلْعالَمِينَ) (٢٩ : ١٥) (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ)
وآية من هذه الآية ، لوحة من هذه السفينة تحمل بشارة محمدية ، برزت قبل ربع قرن في وادي قاف السوفيت (١) آرارات ، المسماة في القرآن بالجودي ، بشارة بأسماء الخمسة الطاهرة : محمد وعلى وفاطمة والحسن والحسين (ع).
فلقد ترك الله هذه السفينة الآية ، وما على لوحتها من آية ، تركها آية العالمين ، وتذكرة للمدّكرين : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي) على الكافرين «ونذر» ي؟ إنه كان عذابا بعد الإنذار والاستكبار ، وبعد الإياس عن اثر الإنذار!.
__________________
(١) الجزء ٢٩ ص ٩٠ ـ ٩٤ ـ ففيه شرح وصورة فوتوغرافية عن اللوحة. التي وجدت في بعض قلل جبل آراراط وهو الجودي كما يصرح به في القرآن «وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ».