الله بخير نذر ، فلاقوا مسّا من عذابهم (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) ي؟ :
(إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ. تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ)(١) :
(أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ) لا ـ إليهم ، بما يوحي بإرسالها عذابا لا رحمة ، ومن تصريحة العذاب (صرصرا) : وهي البالغة في الصر والقرّ : برد قارص لا قبل له ، فقد كانت غالبة عاتية على هؤلاء العتاة : (وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ) (٦٩ : ٧) وكما عتت على خزانها.
سخر الله عليهم هذه الصرصر العاتية (فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) : يوم عذاب نحس ، فليس اليوم نحسا إلّا بما فيه (٢) نحس مستمر استمرارا زمنيا جعله أياما :
(فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ) (٤١ : ١٦) وهي : (سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) (٦٩ : ٧) أيام نحسات حاسمات أزالت كافة آثار النحس والطغيان ، فقد أصبحوا تحت رحمة هذه الصرصر العاتية كالنخل الخاوية الاعجاز ، المنعقرة المصرومة ، المقتلعة عن قعرها (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ)؟ (٦٩ : ٨).
__________________
(١) راجع ص ٣٠٩ ج ٣٠ وص ٨٦ ج ٢٩ ، وقد ذكرت عاد في اربع وعشرين موضعا من القرآن تنديدا بهم وتذكيرا لمن بعدهم.
(٢) فنحس هنا صفة لمضاف اليه محذوف ، كعذاب او مثله : يوم عذاب نحس ـ وليس صفة ليوم فانه مضاف وليس موصوفا.
وهذا هو الواقع الملموس ان لا خير فيه ولا نحس الا بما يجري فيه من خير او شر ، فطبيعة الزمان المقدارية متشابهة الاجزاء ، والزمان بوجه عام لزام ، وبوجه خاص لنا محسوس ملموس ، يظهر من طلوع الشمس وغروبها فمن اين النحوسة او الخيرية ، اللهم الا مما يحدث فيه. فلا عبرة بالأحاديث الواردة ان يوم الأربعاء ام ماذا يوم نحس.