بخاتمة الرسالات وهي أكبرها وأخلدها ، ومنها ، ف «كلها» هنا تعني كل الآيات التي أرسل بها نذرهم.
(فَأَخَذْناهُمْ) : (فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ) (٥١ : ٤٠)(أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ) فالآخذ عزيز مقتدر ، والمأخوذ عزيز مقتدر! ف «أخذ» هنا تتحمل كونها مفعولا لأجله للآخذ والمأخوذ كليهما ، ولكن أين عزيز مقتدر من عزيز مقتدر! وقد يلقي هذا الأخذ ظلال الشدة والعنف على عذابه ، تعريضا بعزة فرعون واقتداره المزعومين ، فبحسب ظلمه وبغيه على عزه وقدرته ، كان أخذه قويا.
فأولئكم من أحمق حماقى التاريخ طغيانا وكفرا ، ذاقوا وبال أمرهم على عزتهم وقوتهم ، فما يأمنكم أن يأتيكم عذاب كما أتاهم :
(أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ)؟
ترى من هم المخاطبون ب «كم» الأولى والثالثة؟ هل هم الكفار المهددون بالعذاب؟ فكيف يضاف الشيء إلى نفسه : «كفاركم» والصحيح ـ إذا ـ أأنتم! أم هم جموع المنذرين ، الكافرين منهم المقصرين ، والناكرين القاصرين الذين مصيرهم الإيمان أو اللاتكذيب واللاإيمان؟ قد يكون ذلك ، ف «كفاركم» هم المكذبون الذين سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ، و «كم» أعم منهم وكذلك «كم» الثالثة هم جموع المنذرين ، هؤلاء وهؤلاء ، ففي توجيه الخطاب إلى العموم ، المبتدء بالقاصرين غير المعاندين ، تشريف لهم مع الإنذار ، يشاركه ويجاوبه الخطاب الثالث «لكم» : «أكفاركم» أنتم غير المسلمين (خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ) جميعا مكذبين وغير مكذبين (بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ)؟ :
وإنها نهاية المطاف في إسقاط كل شبهة عن وحي السماء ، وسد كل ثغرة وكل مطمع في الهرب عنه.
وترى هل في الكافر خير حتى يفضل به على سواه من الكافرين؟ (أَكُفَّارُكُمْ