خَيْرٌ) .. علّ الخير هنا خفة الكفر ـ أأنتم أقل كفرا منهم لكي تأمنوا عذابهم؟ كلا ـ فأنتم سواء ، أو ولو كنتم خيرا فالكفر دركات ، لا ينجو أي درك لخفته عما يستحقه ، أو علّ الخير هو المزعوم من عزة وقدرة ومال وبنين ، يستمد بها لدفع المضر (أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ) : أملك مما كانوا يملكون من خير عاجل واه؟ كلّا! فإنهم كانوا خيرا ، فلم يك ينفعهم خيرهم عما أصابهم من شر وعذاب : (كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالاً وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٩ : ٦٩).
او لا خيرية هنا وهناك ـ بل : (أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ) :
فما هي هذه الزبر : الكتب؟ هل هي سماوية؟ فأين هي! وإذا كانت هي فتلك إذا قسمة ضيزى : ظالمة جاهلة وتمييز خاطئ ، فالزبر منه براء ، اللهم إلا ما كتبته ايدي الدس والتحريف ، فالوحي منه براء .. وإذا كانت غير سماوية فلا حجة فيها! والعقل منه براء.
وإذ لا خيرية لهم ولا براءة لكم ـ كما العقل يدل والواقع يشهد ـ فهل تسندون في باطلكم إلى جمعكم؟ :
(أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ. سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ)
(نَحْنُ جَمِيعٌ) : جمع متكاثف متكاتف كأننا واحد ، حيث الفعيل يبالغ في مادته ، فالجمع المبالغ في الجمعية هو المتكاتف الرصين كبنيان مرصوص واحد ، ولذلك يخبر عنهم ثانيا ب «منتصر» رغم جمعية «نحن» فقد تحولت إلى واحد فهو منتصر : خبر بعد خبر عن «نحن».
وهكذا جمع هو القوة الحاسمة الصارمة وينتج الإنتصار والغلبة على المناوئين ، وإذا كانوا جميعا هكذا كما يدعون فلا انتصار لهم إلا على اضرابهم الكافرين غير الجميع ، واما على المؤمنين الجميع فلا ، فجمع أولئك هو يبور ، لأنه جمع على الباطل البائر ، وجمع هؤلاء لا يبور ، لأنه على الحق غير البائر ، (فَأَمَّا الزَّبَدُ