شاسعة واسعة وإليكم نموذجا من عين لك واحدة : إن لها سبع طبقات وثلاث رطوبات ، فواحدة من السبع هي الشبكة ، وهي لا تزيد في سمكها على ورقة ، وفيها وحدها ثلاثة ملايين مخروط وثلاثون مليون اسطوانة ، وبهذه كلها يكون النظر فلتنظر بهذه العين والبصر الى الكون الواسع لتعرف القدر وكما تقدر.
(وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ) : فما هو أمر الله هنا وما هو لمح البصر؟ هل هو أمر التشريع؟ وليس واحدا بل هو أوامر في تشاريع : (ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ ..) (٤٥ : ١٨) ثم ولا صلة له بلمح البصر! أم هو أمر التكوين والتقدير؟ فكذلك الأمر! : (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ) من الأمور والأوامر (بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً) (١٣ : ٣١) وليس الواحد جميعا! أو هو أمر الساعة : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) (١٦ : ٧٧)؟ قد يكون ، كما وتجاوبه «واحدة» إذ ليست صفة لأمر ، وإنما لموصوف ك : إرادة ـ أو كلمة تعنيها : (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٣٦ : ٨٢) فهي كلمة كن ـ التكوينية.
أو أن «أمرنا» هنا تشمل الإرادات الإلهية كلها على سبيل البدل وهو أجمع : وما أمرنا في التكوين والتقدير إلّا واحدة كلمح بالبصر ، واحدة حقيقية غير مركبة من معدات مقدمات ، ولا في حالة التكوين ، ودون حاجة إلى زمان أو مكان أو أعوان ولا أمر آخر أيّا كان ، وإنما كلمة «كن» وليست لفظية ، وإنما تكوينية يعبر عنها بها تقريبا لأذهاننا.
كما وأن لمح البصر لا يعني زمنا قدره ، وإن كان قصيرا ، وإنما يلمح بأقصر القصر كما كان يعرفه البشر ، وكما تدلّ عليه (أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) : بل هو أقرب ، قربا لا يعرفه البشر ، لأنه مجرد عن الزمان ، فالله هو خالق الزمان والمكان ، فكيف يحتاج في أمره الى مكان أو زمان ، وإنما لمح البصر أو أقرب منه لمح إلى