سرعة النفاذ لأمره فيما يريد دون تربص ولا تريث.
فبواحدة من هذه الوحدات تكون الساعة ، كما تكون كل كائنة من الكائنات صغيرة أو كبيرة. بل لا صغيرة في أمر الله ولا كبيرة ، ولا قليلة ولا كثيرة ، وإنما واحدة كلمح بالبصر أو هو أقرب!.
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) :
الأشياع هم الأتباع في العقيدة والعمل ، أو الأحزاب فيها بتجريدها عن التبعية كما هنا ، فكيف بإمكان الغابر اتباع الحاضر ولما يأت ، اللهم إلا مشاكلة في السيرة ، ومن ثم فقد يكون الأشياع والمشيع بهم على سواء ، أو أقوى منهم ـ في خير : (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ) (٣٧ : ٨٣) فإنه أعظم من نوح ، أو في شر كما هنا ، فإن قوم نوح كانوا اظلم وأطغى وقد حشروا بسائر الطغاة في «أشياعكم» وكما علّه في (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ) (٣٤ : ٥٤) فلا يشترط في الأشياع التبعية في السيرة ، ولا لحوق الزمن أو حضوره.
ثم ولا يعنى هلاكهم استهلاك أقوالهم وأفعالهم لكي يخلصوا من عذاب الساعة التي هي أدهى وأمر ، فانها مزبرة مستطرة :
(وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ. وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ)
كل فعل لهم بجانحة أو جارحة ، بلسان أو سائر الأعضاء العاملة ، كل ذلك ثابتة مسجلة في الزبر : زبر الجوارح نفسها ، وزبر الأرض بفضائها ، وزبر الكرام الكاتبين ، في مسجلات صوتية وصورية وكما يصلح أن تكون شاهدة عليهم بما عملوا دون أن يقدروا على نكران.
لا فحسب الكبيرة من الأفعال ، فكل صغير وكبير مستطر بما سطره الله استنساخا عما عملتم (.. إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤٥ : ٢٩).