عارضة ممطرة ، وهم أولاء ضحايا الزمجرة ، فانحسموا حسوما صرعى كأنهم اعجاز نخل خاوية ، ورمم بالية (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ)؟ اللهم لا إلا باغية!.
إن الصرصر العاتية دمرتهم ـ كما تدمر كل شيء ـ بحيث لا يرى إلا مساكنهم : الأحقاف المبنية عليها ارمهم وبيوتهم ، فالتدمير الاستئصال هو من طبيعة الريح الصرصر العقيم العاتية (ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ) فهل إنها ما أتت بيوتهم حين أتتهم؟! او أنها لم تكن شيئا حتى تدمره ، او أنها في غير رميمها تحولت معهم رميما فلا يرى إلا الرميم ، مساكن وأجسادا ، او بقيت من مساكنهم ما تدل على تدمرهم وتذمرهم ، وعله أولى لما قدمناه (١).
ومن عجيب الأمر انها «خرجت في مثل خرق الإبرة ..» او «مثل الخاتم» (٢) فدمرت أشياءهم وإياهم و (كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) في دنياهم ، فأولى لهم في أخراهم!.
وترى هل كان هؤلاء الأغبياء ضعفاء ولذلك حسموا؟ كلا! وإنهم كانوا أقوى الأقوياء وأقوى منكم :
(وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ وَجَعَلْنا لَهُمْ سَمْعاً وَأَبْصاراً وَأَفْئِدَةً فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ)(٣).
__________________
(١) تناصرا من آيتي المساكن المرئية لحد الآن والثانية : «وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ» اللهم الا ان يعني تبين البيان القرآني ، لا الأبصار العياني.
(٢) روى الاول ابن بابويه القمي في من لا يحضره الفقيه عن رسول الله (ص) والثاني في الدر المنثور ٦ : ٤٤ ـ اخرج الطبراني وابو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال قال رسول الله (ص). أقول : راجع ج ٣٠ آيات عاد في سورة الفجر وج ٢٩ من سورة الحاقة.
(٣) لقد ذكرت عاد في ٢٤ موضعا من القرآن ، وهذا دليل ان لهم موضعا عظيما من الكفر والعناد ، ومن العذاب الشديد.