أشلاء فرشت لكي تقوم تحتها هذه العماد في إرم عاد؟!.
ولقد جمعوا الكمال عقلا وجسما ، والجمال رأيا ورءيا ، أكمل من هؤلاء وأجمل ، فلم تك تغن عنهم لا مالهم ولا مالهم من رأي أو رءي ، ولا قوتهم في العقل والمال والجسم .. ولأنهم أذهبوا طيباتهم في حياتهم الدنيا واستمتعوا بها .. ثم الثلاثة الاخرى : السمع والأبصار والأفئدة ، لا بد وأنها ـ كذلك ـ أقوى ولكي تزيدهم قوات إلى قوات ، وإلا لم يكن لذكرها مجال ، وبعد التمكين في الأرض قوة وآثارا ، لأنهم والحاضرين ومعهم الناس ، هم مشتركون في أصول هذه الثلاث ، وإنما الاختلاف في الدرجات : (وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ) (٦ : ١٦٥) : درجات في مختلف الطاقات : سمعا وأبصارا وأفئدة أم ماذا ، وقد تحول إلى دركات كقوم عاد ، الذين بدلوا نعمة الله كفرا (إِذْ كانُوا يَجْحَدُونَ بِآياتِ اللهِ) ولم يستفيدوا من هذه الدرجات إيمانا بالآيات (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) وكان حقا عليهم ما حاق بهم!.
إنهم كانوا أسمع من هؤلاء بآذان مداركهم ، وأبصر بأبصارها ، وأفئد بقلوبهم المتفئدة : المتوقدة بأنوار العلوم المادية (فَما أَغْنى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلا أَبْصارُهُمْ وَلا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ) : ما أغنت عنهم في دفعهم إلى الإيمان إذ لم يستعملوها في التسمع للآيات والتبصر بها والتفوءد لها ، وإنما أخلدوا بها إلى الحياة الدنيا فجمعوا لها غافلين عن الاخرى ، فما أغنت عنهم في دفع العذاب ، كما لم يندفعوا بها إلى الصواب والثواب.
كذلك والحاضرون المتحضرون ، الذين بلغوا من المكنة ، وفي السمع والأبصار والأفئدة ـ بلغوا قمتها ، فيسمعون الأصوات من مشارق الأرض ومغاربها من الإذاعات ، ويبصرون صورها من التلفزيونات ، ويعقلون ويعلمون مختلف العلوم والاختراعات بالأفئدة : المتوقدة بأنوار العلم ، وعلى أضواء هذا المثلث تمكنوا فيما