لم يمكّن فيه انسان التاريخ فيما نعلم.
كذلك هؤلاء لا تغني عنهم حضاراتهم بحذافيرها من شيء ، ما هم مكذبون بآيات الله وجاحدون ، وسوف يحيق بهم ما كانوا به يستهزئون : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ. وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ) (٨٤ : ٢٣).
فالعبرة التي يستفيدها كل ذي مكنة ، وكل ذي سمع وبصر وفؤاد ، ألا يغتر ذو قوة بقوته ، ولا ذو مال بماله ، ولا ذو علم بعلمه ، فإنها قوى من قوى الكون ، لو لم تجر في مجاريها ، والسنن التي سنها الله ، لرجعت عذابا وتبابا تدمر كل شيء ، كما فعلت بعاد وثمود!
فتلك عاد تذمروا وتدمروا ، تسمعون أخبارهم وترون آثارهم ، ولكي تعتبروا بهم وباضرابهم :
(وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)
ترى ما هي الصلة بين (أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ) و (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) ف «هم» أولاء قوم عاد و «كم» هم الحاضرون في الخطاب؟ ثم وكيف يرجع المهلكون بعد هلاكهم اللهم إلا إلى الله يوم الدين؟.
إن «ما حولكم» تشمل قرى عاد وسواهم من المهلكين ، ولقد صرف الله لهم من آياته قبل أن يهلكهم (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) فلما بقوا على ما طغوا ولم يرجعوا أهلكهم الله.
ومن ثم في (أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ) : المخاطبين بوحي القرآن ، تذكير لهم بما جرى على القرون من قبلهم قبلهم لعلهم يرجعون ، وإلا فثم الهلاك الدمار كما أهلك ما حولكم فما لكم لا تؤمنون؟
وتصريف الآيات هو صوغ آيات النبوات وسائر الآيات في صيغ مختلفة حسب البيئات أو الطلبات ، آيات تتوارد وتترى (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) عن غيهم