ولكنهم ... صرفناها لهم لينصرفوا ، إلا أن صيغة الكفر المعاند لا تنصرف ، إلا إلى جهنم وبئس المصير.
(أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ) كعاد بالأحقاف ـ ارم ذات العماد ، وثمود بالحجر ، وسبأ باليمن وفي مدين أم ماذا ، وهي من القرى التي كانت حول أم القرى ، قريبة منها أو بعيدة عنها ، فإنها أم القرى كلها ، كما الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أرسل (لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها) : كل القرى فإنها أيا كانت فهي حول المركز الرئيسي للدعوة الإسلامية العالمية.
ولكنما القرى الهالكة حولكم ، القريبة تكفي عما هي بعيدة عنكم ومنها الأحقاف ومنها .. (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ)؟ .. وهل نصرتهم آلهتهم أم ضلت عنهم وألهت؟ :
(فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ وَذلِكَ إِفْكُهُمْ وَما كانُوا يَفْتَرُونَ).
وكيف ينصرونهم في بأسهم وهم أولاء كانوا لهم جندا محضرين ، يكفّون عنها بأس الحاضرين لكسرها ، فهؤلاء الآلهة القربان (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى) كيف لم تقرب عابديها إلى الله أو تشفع لهم أو تنفعهم حين بأسهم كما كانوا لها جندا محضرين؟.
(بَلْ ضَلُّوا عَنْهُمْ) : حين البأس : ضلالا عن كونها إذ دمرت بتدميرهم ، وعن كيانها ـ باحرى ـ إذ ضلت الوهيتها المؤتفكة : واقعيا إذ ما أثرت ، وفي ظنهم : إذ عرفوا أنهم خاطئون ، فحين البأس الموت تكشف الحقائق ، ثم البرزخ معرض الكشف التام ، ثم في القيامة الأتم : (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ) متحللا عن الكلل التي كانت من علل منك أو من حجاب الحياة الدنيا.