كما ويصدقه صحيح السنة وقد سماهم الإمام علي (ع) (١) وإن كان العدد هنا ليس غرضا يقصد ولو كان لبان ، وإن كان قد تؤيده آية اللّبد (٢) إذ تجمعوا على الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يستمعون القرآن بعضهم لصق بعض كلبد الأسد ، كناية عن كثرتهم ، لكنها ليست أكثر من عشرة لمكان النفر خلاف ما قد يروى (٣).
(صَرَفْنا .. يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) فلم يكن الصرف إليه صلّى الله عليه وآله وسلّم إلا لاستماع القرآن ، ولا الانصراف إلا للإنذار بالقرآن ، ولأنه الحجة الوافية لإثبات وحيه ، ورسالة نبي القرآن.
(فَلَمَّا حَضَرُوهُ) : القرآن ونبي القرآن ، فهما هنا معا محتملان ، إذ صرفوا إليه هو ، يستمعون القرآن (فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا) : لاستماعه ، إنصاتا بألسنتهم فلا يتكلموا ، وبقلوبهم فلا ينشغلوا ، لكي يستمعوا القرآن بأسماع
__________________
(١) الاحتجاج للطبرسي عن موسى بن جعفر عن أبيه عن آبائه عن الحسين بن علي عن امير المؤمنين (ع) في حديث .. فأقبل اليه من الجن التسعة من اشرافهم واحد من جن نصيبين والثمان من بني عمرو بن عامر من الأحجة منهم شضاة ومضاة والهملكان والمرزبان والمازمان ونضاة وهاصب وهاضب وعمرو ، وهم الذين يقول الله تبارك اسمه فيهم : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً) وفي الدر المنثور ٦ : ٤٤ ـ اخرج ابن أبي شيبة وابن منيع والحاكم وصححه وابن مردويه وابو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن مسعود في حديث قال : وكانوا تسعة ، واخرج مثله الطبراني والحاكم وابن مردويه عن صفوان بن المعطل. ومثله ـ اخرج الواقدي وابو نعيم عن كعب الأحبار.
(٢). هي قوله تعالى : (وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً) ان رسل الجن هم كانوا من لبد الخير في سائر اللبد (راجع تفسير سورة الجن) وقد أخرجه في الدر المنثور عن عدة طرق عن الزبير.
(٣). كما أخرجه ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس (رض) قال : كانوا تسعة عشر ، وما أخرجه ابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال : هم اثنا عشر ألفا من جزيرة الموصل.