فقط هي الوحي (الذي) تدور عليه الرحى دون غيرها ، ايحاء بأن الشرائع كلها شرعة من (الَّذِي أَوْحَيْنا) تحمل (ما أوصى) الى نوح وسائر الأنبياء الذين دارت عليهم الرحى ، توصيات تنحو نحو (الَّذِي أَوْحَيْنا) فما تقدّمها على (الَّذِي أَوْحَيْنا) الا كتحضيرات بخطوات ، تمشي بها تعبيدا لطريقها وتعويدا عليها.
فهي هي كلها وزيادات : نسخا لشيء من أحكامها الموقتة ، واستمرارية التكملة لها كلها لحد لا تنسخ إلى يوم لقاء الله ، مشعّة وضاءة على قلوب وأفكار العالمين : (١) : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ) (٥ : ٤٨) هيمنته الإمام على المأمومين ، وكما الله مهيمن على العالمين : (الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ) (٥٩ : ٢٢).
من هذا المثلث البارع في براعة الرسول نعرف أن عزمه أعزم من عزمهم ، وأعظم ، كما شرعته أعظم من شرعتهم وأعزم ، فلا يعني التشبيه : (كَما صَبَرَ) إلا أصل المشابهة ، لا المساواة في عزمهم ، فإن لكل داعية ودعوة عزما يناسبها (فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) ومن فروعه :
(وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) : العذاب رغم ما يستعجلون. ف (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ) إذا هم من أجداثهم إلى ربهم يحشرون (كَأَنَّهُمْ ... لَمْ يَلْبَثُوا) : في الحياة الدنيا وفي البرزخ (إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) إذ يستقلون الأولى ـ مهما كانت طويلة ـ يجنب الأخرى (٢) : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ
__________________
(١) اصول الكافي باب الشرايع علي بن ابراهيم باسناده عن أبي عبد الله (ع) قال : ان الله تبارك وتعالى أعطى محمدا (ص) شرايع نوح وابراهيم وموسى وعيسى .. وفضله بفاتحة الكتاب وبخواتيم سورة البقرة والمفصل.
(٢) راجع ج ٣٠ من الفرقان ص ١٠٣ حول الآية «كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها».